الاثنين، 30 نوفمبر 2015

معايير اختيار المعلمين وتأهيلهم (تجارب عالمية) بواسطة:سارة الايداء

معايير اختيار المعلمين وتأهيلهم (تجارب عالمية)

للمعلم مكانته في منظومة التعليم، كما سيظل في موقع القلب منها وحجر الزاوية فيها، إذ من الممكن أن يبنى منهج في غاية من الجودة والإتقان، ويظل مجرد حبر على ورق ما لم يأت المعلم الحصيف الذي ينفخ فيه من روحه، ويحوله إلى واقع يرى رأي العين ويلمس لمس اليد. (أبو بكر, 2010)
وفي سبيل العناية بالمعلم وإعداده وتكوينه عقدت ندوات وأقيمت مؤتمرات ونظمت حلقات، ومن ثم فهي قضية قديمة متجددة فمع بداية عام 1957 نظمت جامعة الدول العربية حلقة عن إعداد المعلم في بيروت، وفي عام 1964 عقد المؤتمر الثاني لوزراء المعارف والتربية في بغداد وكان خاصًا بإعداد المعلم العربي، وفي عام 1972 قامت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتنظيم مؤتمر إعداد وتدريب المعلم العربي في القاهرة، وفي عام 1984 عقدت في قطر ندوة إعداد المعلم بدول الخليج التي نظمها مكتب التربية العربي لدول الخليج، وفي عام 1995 عقد بالقاهرة المؤتمر القومي لتطوير إعداد المعلم وتدريبه الذي نظمه المركز القومي للبحوث التربوية، وفي عام 1999 عقدت بالإمارات ندوة المعلم في دولة الإمارات: تحديات الواقع ورؤى المستقبل، وفي عام 2004 عقد بسلطنة عمان المؤتمر الدولي الثالث نحو إعداد أفضل لمعلم المستقبل الذي نظمته كلية التربية بجامعة السلطان قابوس، وأخيرًا وليس آخرًا ففي عام 2004 - أيضًا - عقد في القاهرة المؤتمر العلمي السادس عشر عن تكوين المعلم الذي نظمته الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس، يضاف إلى هذا عشرات وعشرات من الدراسات التي يضيق المقام عن حصرها.
من يتابع الممارسات التي يعج بها المشهد التربوي المعاصر فإننا لن نعدم من بعض التوجهات التي يمكننا الاستعانة بها باعتبارها بوصلات هادية أفادت منها بعض الدول العربية في كثير من الأحيان.
أولاً: معايير اختيار المعلم في دول الخليج العربي (البحرين، الكويت، الإمارات العربية المتحدة) (الربيعي، 2004)
في ضوء التجارب المشار إليها وبالاطلاع على الأدب التربوي، يمكن تقسيم معايير اختيار المعلمين إلى المجموعات التالية:
• معايير السمات الشخصية
• أن يكون متزنًا انفعاليًا.
• أن يكون سليم الحواس.
• أن يكون خاليًا من عيوب النطق.
• معايير المتطلبات المهنية.
• أن يكون لديه اتجاهات إيجابية نحو مهنة التعليم.
• أن يمتلك مهارات الاتصال والحوار.
• أن يبدي مهارة في حل المشكلات.
• أن يبدي مهارة القيادة.
• معايير المتطلبات العلمية والثقافية:
• أن يكون إلمامه جيدًا بتخصصه وأساليب تعليمه.
• أن يكون واسع الاطلاع ولديه ثقافة متنوعة.
• معايير المتطلبات الأخلاقية:
• أن يكون موضوعيًا في أحكامه.
• أن يكون قادرًا على تقبل النقد وتقبل أخطاء الآخرين.
ثانيًا: معايير إعداد المعلم وتأهيله في جامعة كنتا كي بالولايات المتحدة الأمريكية (الربيعي، 2004)
اتبعت جامعة كنتا كي الحكومية المعايير العشرة التالية لبرنامج إعداد المعلم وتأهيله فيها بعد تجربتها عام 1999 من قبل لجنة المعايير المهنية للتعليم Kentucky Education Professional Standards Board وهي:
المعيار الأول: إظهار القيادة المهنية:
يستطيع المعلم أن يظهر القيادة المهنية داخل المدرسة والمجتمع ومهنة التعليم، من أجل تحقيق التعلم الجيد للتلاميذ ورضاهم.
المعيار الثاني: التمكن من المحتوى المعرفي:
يستطيع المعلم التعبير عن المحتوى المعرفي وتطبيقاته في مختلف المجالات.
المعيار الثالث: تصميم وتخطيطه التعليم:
يتمكن المعلم من وضع تصميمات وخطط للتعليم التي تحسن من قدرات التلاميذ في استخدام مهارات الاتصال، وتطبيق المفاهيم الرئيسة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن يصبحوا أعضاء مسؤولين في جماعة، ويفكروا في حل المشكلات والتكامل المعرفي.
المعيار الرابع: إيجاد المناخ المناسب للتعلم والحفاظ عليه:
يقوم المعلم بإيجاد مناخ جيد للتعلم الذي يدعم تنمية قدرات التلاميذ في استخدام مهارات الاتصال، وتطبيق المفاهيم الرئيسة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن يصبحوا مسؤولين في فريق، والتفكير في حل المشكلات، والتكامل المعرفي.
المعيار الخامس: تطبيق عملية التعليم وإدارتها:
يتمكن المعلم من تطبيق التعليم وإدارته بحيث تنمي قدرات التلاميذ في استخدام مهارات الاتصال، وتطبيق المفاهيم الرئيسة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن يصبحوا مسؤولين في فريق، والتفكير في حل المشكلات، والتكامل المعرفي.
المعيار السادس: تقييم التعلم وإبلاغ نتائجه:
يقوم المعلم بتقييم التعلم وإبلاغ نتائجه إلى التلاميذ وغيرهم مع احترام قدرات التلاميذ في استخدام مهارات الاتصال، وتطبيق المفاهيم الرئيسة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن يصبحوا مسؤولين في فريق، والتفكير في حل المشكلات، والتكامل المعرفي.
المعيار السابع: تقييم عملية التعليم والتعلم وانعكاساتها:
يحاول المعلم التوصل إلى نتائج تقييم عملية التعليم والتعلم، وانعكاساتها.
المعيار الثامن: التعاون مع الزملاء، والآباء والآخرين:
يتعاون المعلم مع الزملاء والآباء والوكالات الأخرى من تقييم وتنفيذ وتدعيم برامج التعليم التي تنمي قدرات التلاميذ في استخدام مهارات الاتصال، وتطبيق المفاهيم الرئيسة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن يصبحوا مسؤولين في فريق، والتفكير في حل المشكلات، والتكامل المعرفي.
المعيار التاسع: التعهد بالتنمية المهنية الذاتية:
يقيم المعلم أداءه الخاص بشكل عام فيما يتصل بأهداف المتعلمين في ولاية كنتاكي، وينفذ خطة التنمية المهنية.
المعيار العاشر: استعمال التطبيقات التكنولوجية:
يستعمل المعلم التكنولوجية في دعم التعليم، ويتعامل مع البيانات، ويعزز النمو المهني وإنتاجيته، ويتواصل ويتعاون مع الزملاء والآباء والمجتمع، وإنجاز البحوث.
ثالثًا: النموذج الأمريكي في وضع المعايير لجودة الممارسة المهنية للمعلم. (أبو بكر, 2010)
أولاً: يتمكن من المفاهيم الأساسية وبنية العلوم التي يتخصص في تدريسها، ويتقن مهارات.
ثانيًا: يقدم فرصًا للتعلم تدعم النمو العقلي والاجتماعي والشخصي للمتعلم.
ثالثًا: يبتكر مواقف ويخلق فرصا تعليمية تتلاءم مع تنوع المتعلمين وتباينهم.
رابعًا: يمتلك مدى واسعًا ومتنوعًا من طرائق واستراتيجيات التعليم والتعلم ويستخدمها في تشجيع وتنمية قدرات الطلبة على التفكير الناقد وحل المشكلات وأداء المهارات.
خامسًا: يوفر بيئة تعلم تحفز التفاعل الاجتماعي الإيجابي، والاندماج النشط في التعلم.
سادسًا: يعزز البحث الإيجابي والاستقصاء النشط والتعاون والتفاعل الصفي الداعم في غرفة الصف من خلال إلمامه بأساليب التواصل اللفظية وغير اللفظية وتوظيفها بفاعلية في تحقيق ذلك.
سابعًا: يخطط للتعليم معتمدًا على معرفته بمحتوى المادة الدراسية، والطلبة والمجتمع المحلي وأهداف المنهج.
ثامنًا: يستخدم بفاعلية الأساليب والاستراتيجيات التقويمية المناسبة لتقويم وتأمين النمو العقلي والاجتماعي والجسمي للمتعلمين ويحافظ على استمراره.
تاسعًا: يمارس التفكر والتأمل على نحو مستمر في ممارساته، ليقوم آثار اختياراته وأفعاله على الآخرين، ويتحرى الفرص التي تدعم نموه المهني المستمر.
عاشرًا: ينمي علاقات مع الزملاء في المدرسة ومع أولياء أمور وأسر الطلبة والهيئات الأخرى في المجتمع المحلي من أجل دعم تعلم الطلبة.
رؤية مستقبلية لتطوير برامج إعداد المعلمين واختيارهم في ضوء الاتجاهات العالمية المعاصرة: (أبو بكر, 2010)
• فلسفة الإعداد:
إن حاجتنا إلى تبني فلسفة تربوية واضحة المعالم لإعداد المعلم هي اللبنة الأولى في عملية الإعداد، بحيث تنطلق هذه الفلسفة من رؤية شاملة للتصور الإسلامي للألوهية والكون والإنسان والحياة وما ينبثق عنها من نظام اجتماعي وتربوي.
وهنا نود أن نشير إلى بعض التقارير الصادرة عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1995 التي تؤكد وجود خلل واضطراب في الدماغ المغذي للعملية التربوية معبرًا عنه بالفلسفة، وعدم ارتباطها بالمجتمع ورؤاه التربوية.
وفي هذا السياق لنا أن نرفع أصواتنا مؤكدين خطورة استنساخ النمط الغربي في التربية عامة، وفي مؤسسات إعداد المعلم خاصة.
• تطوير الأدوار التي يتعين على المعلم القيام بها في عصر المعرفة:
لقد نجم عن زيادة المعرفة وتدفق المعلومات زيادة الحاجة إلى استخدام المعلومات وتنظيمها واختزانها إلكترونيًا، فما دامت المعلومات تتضاعف كل فترة وجيزة، وما دام الإنسان ليس في مقدوره أن يسيطر على كل هذا الزخم من المعلومات بمنطق ثقافة الذاكرة، وما دامت هذه المعلومات يمكن استردادها إلكترونيًا نيابة عن ذاكرة الإنسان، إذًا هي مفاتيح المعرفة نقدمها للمتعلم، إذًا فليكن الاتجاه بالمعلم صوب ثقافة الإبداع.
كما يتضح أن الانفتاح الثقافي والإعلامي من أهم ملامح عصر المعرفة، حيث الحرية كاملة في انتقال الآراء والأفكار والثقافات، بل أصبح من الصعوبة بمكان، التحكم في ذلك أو السيطرة عليه ففي ظل عولمة الثقافة يتحول تركيز الإنسان من المحلية إلى العالمية، وفي هذا السياق يثار الجدل حول قضية الهوية، والمواطنة العالمية، التي باتت تهدد الولاءات القطرية.
على أن الانفتاح الثقافي والإعلامي بلا حدود أو قيود أو ضوابط، تكتنفه بعض المخاطر من أهمها المحاولات الرامية إلى طمس هوية الشعوب، والقضاء على خصوصيتها الحضارية، والتأثير على مفاهيم الولاء والانتماء والمواطنة إلى غير ذلك.
إننا لا نريد التسرع في إصدار الأحكام حيال قضية الانفتاح الثقافي  أو عدمه، لكننا في نهاية المطاف في حاجة إلى أصالة بلا جمود، وانفتاح بلا ذوبان، نحن في حاجة إلى أن تهب علينا رياح الثقافات من كل جانب، لكن دون أن تقتلعنا ريح أي منها من جذورنا على حد تعبير غاندي.
 وفي ضوء ما سبق يمكن استخلاص الأدوار الآتية للمعلم:
• مساعدة الطلاب للحصول على مفاتيح المعرفة ومصادرها.
• مساعدة الطلاب للحصول على المعرفة في أسرع وقت ممكن.
• تدريب الطلاب على إنتاج المعرفة لا مجرد حيازتها.
•تدريب الطلاب على تحويل المعلومات إلى معارف.
• توجيه الطلاب إلى قبول الآخر واحترامه.
• مساعدة الطلاب على التمييز بين الغزو الثقافي والتفاعل الثقافي.
• تأكيد أهمية التراث العربي الإسلامي في نفوس الطلاب.
• تدريب الطلاب على إدارة الحوار والقبول بفكرة حوار الحضارات.
• الإلمام بالاستراتيجيات التدريسية المناسبة للمبدعين.
رخصة المعلم:
يعد الترخيص لمزاولة مهنة التعليم أحد أهم المتطلبات الأساسية لضمان جودة أداء المعلم، وضمان نوعية تعليمية عالية الجودة للطلبة وذلك من خلال: (أبو بكر, 2010)
• الحرص على ألا يلتحق بهذه المهنة إلا معلمون قادرون على الممارسة المهنية الفاعلة.
• حفز الملتحقين بالمهنة على النمو المهني الذاتي والمستمر.
• ترسيخ مكانة للمهنة تليق بها مما قد يزيد من دافعية العناصر الجيدة للالتحاق بها والحرص على الاستمرار فيها والتمسك بأخلاقياتها.



المراجع:  
- أبو بكر, عبد اللطيف(2010). المعلم معايير الاختيار وبرامج الاعداد. مجلة المعرفة, ع 189, الرياض.
- المديرية العامة لكليات التربية (1999م):اللائحة التنظيمية لكليات التربية، مسقط، مطبعة عمان.
- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (1995): تقرير مراجعة استراتيجية تطوير التربية العربية، تونس.
- راشد الكثيري (2004): رؤية نقدية لبرامج إعداد المعلم في الوطن العربي، المؤتمر العلمي السادس عشر تكوين المعلم، ج1، القاهرة، جامعة عين شمسس، 21 - 22 يوليو.
- سعيد بن حمد الربيعي(2004م): إعداد المعلمين وتدريبهم في سلطنة عمان إنجازات وطموحات، مسقط، وزارة التعليم العالي.


الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

بعض قضايا حقوق الأطفال بواسطة: بلسم المغذوي


بعض قضايا حقوق الأطفال

إعداد: بلسم المغذوي

عرف القرن العشرين تطوراً كبيراً في مجال إقرار حقوق الإنسان, وحدد المجتمع الدولي عدة مواثيق تهم الإنسان بمختلف أجناسه وأعماره وحالاته, ومن المعلوم أن ثمة أسباب وراء اهتمام الأمم المتحدة بتسطير حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الأطفال بصفة خاصة, مثل الحروب العالمية الأولى والثانية وظاهرة الاستعمار والاستبداد السياسي والحرب الباردة وغياب النظام الديمقراطي وانعدام العدالة الاجتماعية وتعطيل النهج الديني الإسلامي, مما استلزم وضع خطط قانونية وإجرائية وجزائية ومعنوية للحد من الاعتداء على الحق الإنساني وخاصة حق الطفل.

وتعرّف اتفاقية حقوق الطفل في المادة الأولى الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة أو ما لم يبلغ سن الرشد, أي أن الطفل هو الذي ما زال في حاجة إلى رعاية ووصاية وغير قادر على تحمل المسئولية المدنية والاجتماعية لوحده, أما في الإسلام فالطفل هو الذي لم يدرك مرحلة التمييز والإدراك العقلي, كما أنه غيرخاضع للتكليف والمحاسبة الدينية والمدنية والجنائية.

وقد ظهرت عدة مواثيق دولية تهتم بحقوق الطفل, وإن كان الإسلام قد سبقها جميعاً في تحديدها وإقررها والمحاسبة عليها, ومن المواثيق الدولية المعاصرة التي نصت على حقوق الأطفال مايلي:

1.    إعلان جنيف لحقوق الطفل عام 1924 م

2.    إعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في نوفمبر 1959م

3.    الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م

4.    العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

5.    العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

6.    النظم السياسية والصكوك ذات الصلة للوكالات المختصة والمنظمات الدولية المعنية بالطفل (حمداوي,2007).

وقد ميزت هذه الاتفاقية بين الطفل السوي والطفل المعاق, وخصصت للأخير بعض الحقوق, وتصنف حقوق الطفل السوي إلى ما يلي:

·       حقوق الطفل الأسرية والعائلية: فللطفل الحق في الحياة والبقاء والنمو وتسجيله فور ولادته, وله الحق في الحصول على الاسم والجنسية وتلقي الرعاية من والديه والحفاظ على صلاته العائلية.

·       حقوق الطفل المدنية والسياسية: من حقوق الطفل حرية التعبير قولا وكتابة وصحافة وطباعة وفنا وله الحق في طلب المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها, وله الحق في تكوين الجمعيات وحرية الاجتماع السلمي دون اعتداء عليه أو على أسرته ويجوز ان تخضع هذه الحقوق لبعض القيود كاحترام الغير وحماية الأمن الوطني.

·       حقوق الطفل الصحية: يجب أن يتمتع الطفل بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وله الحق في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي والحصول على المساعدات الطبية والانتفاع من الضمان الاجتماعي.

·       حقوق الطفل المالية والمادية: للطفل كامل الحق في التمتع بمستوى معيشي ملائم لنموه العقلي والوجداني والبدني والروحي والاجتماعي لذلك يتحمل الوالدان او أحدهما أو الأشخاص المسئولين عن الطفل المسئولية الأساسية في حدود إمكانياتهم المالية وقدراتهم كما تقدم الدول الموقعة على الاتفاقية المساعدة المادية وبرامج الدعم.

·       حقوق الطفل في التربية والتعليم:

تعترف الاتفاقية الدولية بحق الطفل المشروع في التربية والتعليم على أساس تكافؤ الفرص ويستند هذا الحق إلى جعل التعليم الابتدائي مجانياً وإلزامياً للجميع, وتطوير شتى أنواع التعليم الثانوي, مع اتخاذ كافة الوسائل لضمان إدارة التعليم في المدارس على نحو يتمشى مع كرامة الطفل الإنسانية ومحاربة الأمية والقضاء على الجهل وتطوير وسائل التعليم الحديثة.

·       حقوق الطفل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية:

للطفل حقوق كاملة في الراحة ووقت الفراغ لمزاولة الألعاب والأنشطة الرياضية وأوقات الاستجمام المناسبة لسنه بحرية في الحياة الثقافية أو الفنية. وتهتم الدول بحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي أو الاستغلال الجنسي أو اختطاف الأطفال أو الاتجار بهم أو أي عمل يعيق الطفل عن التعلم ويكون ضاراً به.

·       حقوق الطفل القضائية والجنائية:

يمنع تعذيب الطفل أو معاقبته بقسوة أو التصرف معه جزائياً بطريقة غير انسانية ومهينة, كما لا يجوز اعتقاله أو سجنه إلا وفق القانون وأن يعامل بكرامة واحترام وانسانية, وله الحق بالاتصال بأسرته وإعادة تأهيله في المجتمع.

·       حقوق الطفل الدولية والإنسانية :

تمنع اتفاقية حقوق الطفل إشراك الأشخاص الذين لم تبلغ سنهم خمس عشرة سنة في الحروب والمنازعات العسكرية الطاحنة أو تجنيدهم في القوات المسلحة كما تلزم الدول بحماية الطفل من المنازعات واتخاذ كافة التدابير الممكنة.

أما بالنسبة لحقوق الطفل المعاق وبالاضافة إلى حقوقه كأي طفل سوي, فإن اتفاقية حقوق الطفل تعترف بضرورة تقديم الرعاية للطفل المعاق ومساعدته وحمايته نفسياً وحركياً وعقلياً واجتماعياً, وأن يتمتع بحياة كاملة وكريمة في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على نفسه وتيسر مشاركته الفعالة في المجتمع, ومن الأفضل أن تقدم المساعدات مجاناً إلى الطفل المعاق, وأن تستهدف المساعدات إمكانية الحصول على التعليم والتدريب وخدمات الرعاية الصحية وخدمات إعادة التأهيل والاعداد لممارسة عمل, والحصول على الفرص الترفيهية والاندماج الاجتماعي والثقافي للطفل على أكمل وجه ممكن (حمداوي, 2007).

ورغم ذلك, مازالت هناك عوائق ومثبطات تقف في طريق الإقرار بهذه الاتفاقيات و تنفيذها, كما تتعدد المشكلات التي تواجه حقوق الأطفال حول العالم وتتفاوت درجة حدتها من دولة إلى أخرى, كمشكلات العنف, والتمييز ضد الإناث وزواج القاصرات, ومشكلات تعاطي المخدرات والاتجار بها, ومشكلات تشغيل وعمالة الأطفال, وظاهرة استغلالهم في التسول أو تشردهم كأطفال الشوارع, وكذلك استغلالهم سياسياً في أعمال التجسس أو تجنيدهم في الحروب والأعمال العسكرية كتجنيد المنظمات الإرهابية للأطفال والزج بهم في ساحات القتال مثل داعش وغيرها.

وتعد المملكة من طليعة الدول التي وقعت على الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي كفلت حقوق الطفل كون معظمها متسق أساساً مع تعاليم الدين الحنيف, كما أنها سنت الأنظمة والمواثيق المحلية بهذا الخصوص, لكن هذا لا يعني أن الواقع خالٍ تماما من العراقيل, فهناك العديد من المشكلات التي تعيق حصول الأطفال على كامل حقوقهم, وأبرز مشكلتين سيتناولها هذا المقال بالنقاش هما العنف, وحقوق الأطفال ذوي الإعاقة.

1- العنف ضد الأطفال:

تطالعنا وسائل الإعلام بشكل شبه يومي بقصة من قصص العنف ضد الأطفال الذي يصل إلى درجة إزهاق الأرواح , وقد احتلت هذه القضية حيزاً كبيراً من النقاش في الآونة الأخيرة ولا تكاد تخلو صحيفة أو وسيلة إعلامية يومياً من مادة تتناول هذا الموضوع بشكل أو بآخر.

و يتخذ العنف ضد الأطفال عدة أشكال لعل أسوأها العنف الأسري, والعنف المدرسي, والعنف المجتمعي ضد فئات معينة من الاطفال كالمعاقين والأقليات, كما يتخذ عدة صور جسدياً ولفظياً ونفسياً.

ويعتبر العنف من أكثر الانتقادات التي توجه للمملكة فيما يتعلق بحقوق الطفل, وخاصة العنف الأسري.

ومن المؤسف أن العنف الأسري يمارس ضد الأطفال في مؤسسة تربوية ومن أشخاص يفترض أن دورهم التربوي في المقام الأول هو حماية الطفل وتقديم الرعاية والحنان له.

وقد أظهرت نتائج إحدى الدراسات أن الآباء هم الأكثر ممارسة للعنف تجاه الأطفال, وأن ممارسة العنف تجاه الأطفال في السعودية لا يرتبط بمستوى تعليم معين لدى الآباء ولا يرتبط بالحالة الانفعالية لدى الطفل, كما تعددت أشكال ممارسة العنف تجاه الأطفال حيث تراوحت بين الضرب الخفيف وهو الشكل الأكثر ممارسة وصولاً إلى الإهمال الشديد والطرد من المنزل (الرميح, 2013) .

والمتأمل لهذه القضية يجد أن  الحاجة أصبحت ملحة  لتبني الأسرة اساليب تربوية أكثر جدوى  في معالجة أخطاء الطفل , أساليب تتفهم احتياجات الأبناء بعيداً عن العنف, كتعزيز قيم الحوار وتقبل الأفكار بين الاجيال واحترام كرامة وإنسانية الطفل كأي إنسان كبير في السن.

إلا أن الأمر داخل المنازل لا يقتصر على عنف الآباء وأعضاء الأسرة, فالأسوء من ذلك عنف العاملات المنزليات تجاه الأطفال, وانتشار ظاهرة قتلهم أو تعذيبهم على أيدي خادمات أوكل لهن في خضم انشغال الآباء والأمهات  بمهمة ليست من اختصاصهن وهي مهمة التربية والعناية بالطفل.

إن الطفل الذي تعتني به الخادمة (ولا تربيه), هو في أحسن الأحوال طفل لا يحصل على حقوقه الثقافية وتتشوه الهوية الثقافية والعقائدية لديه, هو طفل محروم من الرعاية وإقامة الصلات العائلية الصحية, وربما تعرض للاستغلال الجنسي والقلق النفسي وانعدام الأمان وفي أسوء الحالات ينزع منه الحق في الحياة والبقاء.

الخادمة ليست إحدى مؤسسات التربية, وحقوق الأطفال هي في الأساس ممارسات تربوية وليست مجرد شعارات واتفاقيات, ولذلك فمن المتوقع جداً انتهاك هذه الحقوق على أيديهن, وفي هذه الحالة ربما يسلم الطفل من القتل, لكن من المؤكد أنه سيحرم من حقوقه التربوية.

ولا تزال هذه القضية مثار النقاش في الساحة السعودية, وطرحت عدة حلول لمعالجتها انطلاقاً من أن طبيعة الحياة المعاصرة اليوم وكذلك الأدوار الاجتماعية لكل من الأم والأب اختلفت عن الماضي, وبالتالي أصبحت التربية مسئولية مشتركة بين الأسرة ومؤسسات المجتمع ككل, ومن هذه الحلول قرار وزير التعليم افتتاح حضانات للأطفال في رياض الأطفال وجميع مدارس البنات الحكومية والأهلية لرعاية أطفال الأمهات العاملات بها, كون الحضانات مؤسسة تربوية مكملة لدور الأسرة, وذلك تحت اشراف مختصات تربويات (وزارة التعليم, 1436هـ)

وعلى الرغم من أن هذا القرار التربوي يصب في مصلحة الطفل, لكن الواقع أن تنفيذ هذا الحل يعيقه عدة أمور من بينها سوء وضع المباني المدرسية فأغلب هذه المباني متهالكة وغير قادرة في الأساس على توفير بيئة تعليمية ملائمة لطلاب المدرسة فضلاً عن أطفال الحضانة, بالاضافة إلى عدم تخصيص ميزانيات مناسبة لتشغيلها, وربما حداثة القرار يبرر إعطاء بعض الوقت للمسئولين من أجل التغلب على هذه العوائق وحماية حقوق الطفل الذي سيصبح يوماً ما رجل أو امرأة المستقبل.

2- حقوق الأطفال المعاقين:

الطفل المعاق هو فرد يستحق كامل حقوق الطفولة بالاضافة إلى حقوق المعاقين, ويعد الاطفال المعوقين الأكثر تعرضاً للإساءة والأكثر حرماناً من حقوقهم مقارنة بغيرهم من الأطفال العاديين, وينتج هذا عن الاتجاهات المجتمعية السلبية نحوهم, وعدم تقدير وتمكين المجتمع لهم, إضافة إلى نقص المعرفة عن ثقافة حقوق الطفل المعاق.

إن العزلة والتهميش الذي يعاني منه الأطفال المعاقين ورفضهم من قبل المجتمع ومن قبل ذويهم يأخذ أشكالاً مختلفة, ففي بعض البلدان يتم قتلهم بحجة القتل الرحيم, وفي بعضها الآخر يستخدمون للتسول أو كقطع غيار بشرية, كما يتعرضون لشتى أنواع الاستغلال الجنسي وغيره.

وتشير إحصاءات اليونسيف إلى أن عدد الأطفال المعاقين في العالم أكثر من 51 مليون طفل معاق معظمهم من الفقراء, ويتعرض 5% من الأطفال الصم و6% من المكفوفين للإعتداءات الجنسية, وأن 80% من هؤلاء الأطفال يعيشون في دول العالم النامي, وأن 89% من الأطفال المعوقين في الدول النامية لا تتوافر لهم فرص التعليم (محمد,2011)

وحتى عندما يعاني الاطفال نفس العقبات كالفقر أو الانتماء إلى إحدى الأقليات فإن الأطفال المعاقين يواجهون تحديات إضافية نتيجة لما يعانونه من الإعاقة, والحواجز التي يضعها المجتمع في طريقهم, وتصبح احتمالية الانخراط في المدارس وتلقي العناية الصحية أقل للذين يعانون من إعاقة فضلاً عن فقرهم.

ففي الكثير من البلدان ينحصر الاهتمام بالأطفال ذوي الاعاقة في إيواءهم في المؤسسات أو التخلي عنهم وإهمالهم ويواجهون أشكالا مختلفة من الاقصاء نتيجة الجهل والاتجاهات السلبية من الأسرة والمجتمع تجاههم, واعتبارهم في منزلة أقل من الأطفال العاديين.

ويلعب نوع الجنس الاجتماعي دوراً كبيراً في عملية الاقصاء, فاحتمال تلقي الفتيات الرعاية أقل من احتمال تلقي الفتيان لها, واحتمال إغفال الفتيات أكثر من إغفال الفتيان في التفاعلات والنشاطات الأسرية, أوالحصول على التعليم أوالتدريب المهني أو فرص العمل.

ويكون الإقصاء أحياناً ناتجاً عن غياب الأنظار, فعدد قليل من البلدان لديها معلومات موثوق بها حول عدد الأطفال ذوي الاعاقات من المواطنين أو نوعية الاعاقات التي يعانون منها, أو مدى تأثيرها على حياتهم, وفي بعض البلدان تواجه الأسر التي تربي أطفالاً ذوي إعاقات النبذ من المجتمع, ولذلك من المحتمل أن تتردد الأسرة في الافصاح عن أطفالها ذوي الاعاقة إما لأنهم يحاولون تفادي أن يكونوا منبوذين من المجتمع, وإما لأنهم يبالغون في الحماية المفرطة لأطفالهم, فإذا كان الطفل قد ولد وهو يعاني إعاقة ما, فإن ولادته قد لا تسجل, والأطفال الذين يقصون بهذه الطريقة ليسو معروفين لدى الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية التي يستحقونها (اليونسيف,2013)

وكثيراً ما لايلتحق الأطفال بالمدرسة بسبب العوق الذي يعتبر أكثر العوامل تعرضاً للإهمال, فحسب إحصائيات اليونسكو الأطفال الأكثر عرضة للإعاقة هم أقل حظاً في الانتفاع بفرص الالتحاق بالمدرسة, ويزداد التفاوت بحسب نوع الإعاقة, ففي العراق مثلاً وفي عام 2006 ثبت أن 10% من الأطفال غير المعرضين للاعاقة والذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات لم يلتحقوا بالمدرسة قط, وذلك مقابل 19% من الأطفال المعرضين لمشكلات سمعية, و 51% من الأطفال المعرضين إلى حد كبير للإعاقة الذهنية ( اليونسكو, 2014)

وعلى مستوى المملكة العربية السعودية ليست هناك إحصائيات دقيقة عن عدد الأطفال ذوي الاعاقة, لكن بفضل ثقافة مجتمعنا الإسلامية يبدو الحال أفضل من بعض المجتعات التي تفضل التخلص منهم, إلا أن هذا لا يعني أنهم يتمتعون بكامل حقوقهم على قدم المساواة مع الأطفال العاديين.

فعلى الرغم من الأنظمة التي سنتها الدولة لحماية ورعاية ذوي الاعاقة في المملكة إلا أن هناك قصور في تطبيق بعض النصوص على أرض الواقع، والأمر يحتاج في المقام الأول والأخير إلى التعامل مع ذوي الاعاقة من منطلق ديني وأخلاقي، إضافة إلى التشديد على نشر الوعي في مجتمعاتنا لضمان تمتع ذوي الاعاقة بكامل حقوقهم، ولكي يشعر كل واحد منهم أنه فرد منتج ومكمل لمجتمعنا المسلم المتكافل (العماري,2014).

إن أغلب الاتجاهات نحو الأطفال ذوي الاعاقة منطلقة من منظور العطف والشفقة التي تعبر في أساسها عن الدونية, وبطبيعة الحال لن تؤدي هذه النظرة إلى المساواة في الحصول على الحقوق, بل على العكس من ذلك,سوف تعزز تقديم أي مستوى من الخدمات بغض النظر عن جودتها.

وعلى سبيل المثال, لا يحصل جميع الأطفال ذوي الاعاقة على حق التعليم, وقد ينتظر الطفل المعاق سنوات عديدة ليحصل على مقعد في صفوف الدراسة, وحتى عندما يحصل عليه فالتعليم المقدم له ليس بنوعية تعليم الأطفال العاديين على علاته, وكمثال على ذلك لم تخضع مناهج التربية الخاصة للتطوير الذي شمل مناهج التعليم العام, كما أن الطفل ذي الاعاقة يضطر لقطع مسافات طويلة كل يوم للوصول إلى مدرسته, لأن مدرسة الحي الذي يسكن به لا تمنحه تعليماً مناسباً.

وصحيح أن التعليم السعودي اتجه منذ سنوات نحو دمج الأطفال ذوي الاعاقة مع غيرهم في المدارس بغية تسهيل حصولهم على حقوقهم كالأطفال العاديين, لكن الواقع يقول أن هذا الدمج ليس إلا مكانياً ولم يصبح ثقافياً بعد, إذ أن الملاحظ أن المجتمع تنقصه ثقافة حقوق الأطفال المعاقين على مستوى الوعي بها ونشرها وممارستها والتعامل بها.

إن ثقافة حقوق المعاقين هي جزء من ثقافة الإسلام, لكن المشكلة تكمن في أن العمل بها يشوبه الكثير من الخلل, فغالباً ما يتم تهميش الأطفال ذوي الاعاقة وحرمانهم من حقوقهم ومن إتاحة فرص التمكين التربوي والاجتماعي والثقافي لهم.

وتتجه وزارة التعليم حالياً نحو منظومة التعليم الشامل في كل مدرسة  من مدارس التعليم العام كحل لهذه المشكلة (صحيفة الشرق, 2015), بحيث تضم كل مدرسة بين جنباتها الطلاب العاديين والطلاب ذوي الاعاقة ويتلقون نفس التعليم, وهو ماتنادي به المنظمات الدولية كاليونسيف باعتبار أن الشمولية في التعليم بالنسبة للأطفال ذوي الاعاقة أفضل من الإدماج.

لكن ذلك قد لا يؤتي الفائدة المرجوة منه ما لم يكن هناك وعي مجتمعي بأهمية الحفاظ على حقوق الأطفال ذوي الاعاقة وتقبلهم, إذ ليس من المحتمل أن يتغير الكثير في حياة الأطفال ذوي الاعاقات مالم يتغير المجتمع ككل تجاههم, في سبيل التغلب على الجهل بهم وبأسباب إعاقاتهم وأساليب التعامل معهم, وتذليل العقبات التي تحول دون مساواتهم في الحصول على حقوقهم كالأطفال العاديين.


المراجع:

حمداوي, جميل ( 2007). من قضايا التربية والتعليم (ط 1), منشورات الزمن: الرباط, المغرب.

الرميح, يوسف أحمد (2013). العنف الأسري ضد الأطفال دراسة ميدانية في محافظة عنيزة بمنطقة القصيم. مجلة البحوث الأمنية , كلية الملك فهد الأمنية,السعودية, ع (54), ص ص 73- 102

صحيفة الشرق (27 مارس 2015).الدخيل: تطبيق التعليم الشامل في جميع المدارس. صحيفة الشرق ,السعودية, ع (1209), ص 10

العماري, سعود (21 ابريل 2014). أنظمة ذوي الاحتياجات الخاصة وحقوقهم. جريدة اليوم.السعودية, ع (14920).

محمد, أماني عبد الحميد (2011). دور بعض برامج التلفزيون المصري في التعريف بحقوق الأطفال ذوي الاعاقة.مجلة دراسات الطفولة. مصر, مج (14), ع ( 52), ص ص 51-61

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو (2014). التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع 2013-2014 التعليم والتعلم تحقيق الجودة للجميع. الطبعة الأولى. منشورات اليونسكو.

منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونسيف (2013). وضع الأطفال في العالم 2013 الأطفال ذوو الإعاقات. يونسيف.

وزارة التعليم السعودية (1436هـ). دليل الحضانات. المملكة العربية السعودية.

أهمية تعزيز قيم التنوع الثقافي بواسطة: بلسم المغذوي


التربية على قيم التنوع الثقافي

إعداد: بلسم المغذوي

يعد التنوع الثقافي بشتى صوره من أكثر القضايا التي برزت مع تسارع وتيرة الانفتاح الثقافي في المجتمع , الأمر الذي يؤكد أهمية التربية على القيم الايجابية التي تعتبر صمام الأمان في التعامل مع هذه القضية, فالحوار وتقبل الآخر والتسامح والسلام قيم لها دور كبير في إحتواء التنوعات الثقافية في المجتمع وتوجيهها نحو إثراء ثقافة المجتمع وتعزيز وحدته الوطنية, والتعامل مع هذا التنوع كمصدر ثراء ثقافي لا كمصدر اختلاف وفرقة .

ونظراً لتأثير التنوع الثقافي في التغيرات الثقافية والإجتماعية وتوجيه مسارها نحو تقدم المجتمعات, فإن كثيراً من المنظمات الدولية والمراكز الثقافية أولت اهتماماً  كبيراً به, وألقت على عاتق المؤسسات التربوية بمسؤولية تأسيس قاعدة حوار مشتركة بين الأطياف المختلفة.

فقد اهتمت المنظمات الدولية بحماية التنوع الثقافي وعقدت في سبيل ذلك الاتفاقيات الدولية لتشجيع الحوار والتواصل بين الثقافات المختلفة, لعل أبرزها اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي, الصادرة عن المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة و المنعقد في باريس من 3 إلى 21 تشرين الأول / أكتوبر 2005 م في دورته الثالثة والثلاثين, والتي أكدت على أن التنوع الثقافي هو سمة مميزة للبشرية يشكل تراثاً مشتركاً للبشرية ينبغي إعزازه المحافظة عليه لفائدة الجميع, حيث يقصد بالتنوع الثقافي " تعدد الأشكال التي تعبر بها الجماعات والمجتمعات عن ثقافتها وأشكال التعبير هذه يتم تناقلها داخل الجماعات والمجتمعات وفيما بينها " . وقد هدفت هذه الاتفاقية إلى تهيئة الظروف التي تكفل ازدهار الثقافات وتفاعلها تفاعلا حراً تثري من خلالها بعضها بعضاً, كما هدفت أيضاً إلى تشجيع الحوار بين الثقافات لضمان قيام مبادلات ثقافية أوسع نطاقاً وأكثر توازناً في العالم دعماً للاحترام بين الثقافات وإشاعة لثقافة السلام ( اليونسكو, 2005 ) .

وما يؤكد الاتجاه العالمي المتزايد نحو الاهتمام بقيم التنوع الثقافي أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد قررت أن يوم 21 أيار / مايو اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية, ودعت جميع الدول الأعضاء والهيئات الحكومية الدولية والمنظمات غير الدولية إلى التعاون في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة ( الأمم المتحدة, 2002 ) .

وقد بات المجتمع الدولي مقتنعاً أكثر من أي وقت مضى بضرورة حماية التنوع الثقافي , وانصب اهتمامه على المبادئ القانونية والمعاهدات التي تحمي التنوع الثقافي وتنشر ثقافة السلام والتسامح والتقبل بين الشعوب, وقد كرس الاعلان العالمي للتنوع الثقافي الذي اعتمدته اليونسكو عام 2001 المبادئ التالية:

- التنوع الثقافي تراث البشرية المشترك وبالتالي يجب الحفظ عليه.

- سلامة المجتمعات البشرية, بالاضافة إلى حيويتها وانسجامها الداخلي والمرتبطة بصيانة التنوع الثقافي فيما بينها.

- التنوع الثقافي من ركائز التنمية المستدامة.

وفيما يتعلق بالعالم العربي الإسلامي يجدر تضمين قيم التنوع الثقافي في التربية, فنحن بأمس الحاجة إلى إعادة إحياء الثقافة التي كانت في الماضي بأبهى حلة في العالم, والتي أصابتها اليوم رتابة تجعلها تتخبط بأزمة لا تخفى على أحد رغم وجود الموارد البشرية التي تتوق إلى الابداع والتميز. (الظاهر,2005)

وفي هذا الشأن, يؤكد الكثير من التربويين والمفكرين على أهمية الحوار والاتصال في التعامل مع التنوع الثقافي, حيث يرى حسن عبد العال في المؤتمر السنوي الثامن ( التربية والتعددية الثقافية مع مطلع الألفية الثالثة ) المنعقد عام 2000 م, أن التعددية الثقافية موجودة الآن ومن الخطأ إنكارها, وأن كل ثقافة لها روح وطبيعة , وينبغي أن يكون موقفنا منها موقف حوار وتفاعل وليس موقف تصادم, لأن درس التاريخ يقول : إن الحضارة أو الثقافة لا يمكن أن تنعزل عن غيرها من الثقافات, فلابد أن تتصل الثقافات ببعضها البعض, ليكون بينها حوارات متداولة وحوارات دائمة,  أما عن دور التربية في ذلك فيتعلق بشكل رئيسي بإعداد الأجيال القادمة إما لمواجهة الثقافات الأخرى أو للحوار معها أو للتواصل معها ( عبود, 2002 ) .

وكمجتمع عربي مسلم, لا تعد التربية على قيم التنوع الثقافي مثل تقبل الآخر والتسامح غريبة على الثقافة والتربية الإسلامية , حيث يوجد في الحضارة الإسلامية ضرب من الأدب يعرف بأدب الاختلاف الذي هو خلق إسلامي ومظهر ايجابي من مظاهر الحضارة الإسلامية, إذ يؤكد على قيم الحوار وأدب الخلاف في الإسلام, لما في ذلك من إنصاف للخصم واحترام الرأي الآخر وتفصيل لأسس التنوع الثقافي التي كفلت حرية المعتقد والتدين, والقيم التي ترسخ التنوع الثقافي والتعاون والتعايش بين الشعوب هي قيم تقوم على ثلاثة قواعد:

1-قاعدة الاحترام المتبادل

2-قاعدة احترام الخصوصيات

3-قاعدة التسامح

ولقد تميزت الحضارة والثقافة الإسلاميتان بتركيزهما على اعتبار أن طلب العلم فريضة على كل مسلم, وأن الحكمة ضالة المؤمن, مما أسهم في إغناء التنوع الثقافي والانفتاح على الثقافات الأخرى وحفظ حقوق الآخرين

وعلى جانب آخر, يظهر اليوم بشكل خاص تأثير العولمة على زيادة وتيرة الانفتاح الثقافي, ولا شك أن العولمة تثير مخاوف عديدة في جميع الأوساط, غير أن العولمة ليست معطى جديد في تاريخ العلاقات بين الأمم وهي في الحقيقة تشكل مدخلاً من مداخل التنوع الثقافي إذا تم التعامل معها بوعي وإيجابية دون إلغاء للهوية الثقافية للأمة الإسلامية وتراثها العريق.

إن مواجهة تحدي العولمة عند الحديث عن التنوع الثقافي تفرض حشد جميع الجهود لترسيخ الثوابت والمسلمات التي يؤمن بها المجتمع والإسهام في تعزيز قيم الحوار والتعددية والتعارف الحضاري الذي يقوم على مبدأ التعايش والتعارف والذي  دعا إليه القرآن في قوله تعالى: "ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"( الحجرات,13), هذا المبدأ الذي يعزز نشر السلام والتعاون بين الناس دونما تفريق(عزوزي,2009)

وخلاصة القول, إن التربية على قيم التنوع الثقافي على قدر كبير من الأهمية نظراً إلى أنها تقرب الشقة بين مسافات الشعوب وتعترف بمقومات الإنتاج الثقافي والإبداع الحضاري, مما يجعل الحاجة ملحة لتفعيل دور المؤسسات التربوية في تعزيز قيم التنوع الثقافي ونشرها في المجتمع مع الحفاظ على الثوابت من أجل إنسانية أسمى وسلام عالمي.

المراجع:

الأمم المتحدة ( 2002 ). قرار الجمعية العامة 57 / 249: مركز وثائق الأمم المتحدة.

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( 2005 ). اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي. باريس: منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم.

عبود, عبد الغني ( 2002 ). التربية والتعددية الثقافية في الألفية الثالثة ( ط 1 ). القاهرة, مصر: دار الفكر العربي .

عزوزي, حسن (2009).التنوع الثقافي في ظل العولمة. مجلة الوعي الإسلامي, الكويت, س(64), ع (524), ص ص 72-73

الظاهر, سمير حنا (2005). اليونسكو والتنوع الثقافي. مجلة تواصل, عمان, ع (1),  ص ص 54-55

 

 

الأحد، 22 نوفمبر 2015

حقوق الأطفال اللاجئين بواسطة: سارة الايداء

 يوم الطفل العالمي:

حقوق الأطفال اللاجئين



أوصت الجمعية العامة في عام 1954 بأن تقيم جميع البلدان يوما عالميا للطفل يحتفل به بوصفه يوما للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال وللعمل من أجل تعزيز رفاه الأطفال في العالم. واقترحت على الحكومات الاحتفال بذلك اليوم في التاريخ الذي تراه كل منها مناسبا. ويمثل تاريخ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل في عام 1959 
 اتفاقية حقوق الطفل في عام 1989 وهي المعاهدة الدولية التي صدق عليها كأحد اتفاقيات حقوق الإنسان عددا من حقوق الطفل، ومنها حقوق الحياة والصحة والتعليم واللعب، وكذلك الحق في حياة أسرية، والحماية من العنف ، وعدم التمييز، والاستماع لآرائهم.

حقوق الأطفال اللاجئين

يشكل الأطفال الفئة الأضعف والأكثر عرضةً لمخاطر الحروب والنزاعات المسلحة و اللجوء بالتبعية، كما أن النسبة الاكبر من اللاجئين على صعيد العالم أجمع هم من الاطفال والنساء وهم الاكثر تعرضاً لانتهاك حقوقهم، لذا تنص جميع الصكوك القانونية المتعلقة باللجوء على معايير خاصة بحمايتهم، إذ اعتبرت اتفاقية عام 1951 أي طفل لديه خوف هناك ما يبرره من التعرض للاضطهاد من جراء الاسباب التى أوردتها الاتفاقية يعتبر لاجئاً، كما نصت على عدم جواز إرغام أي طفل يتمتع بمركز اللاجيء على العودة إلى بلد المنشأ كما تطرقت الاتفاقية إلى عدم جواز التمييز بين الأطفال والراشدين في مجال الرعاية الاجتماعية والحقوق القانونية، ونصت أيضاً على أحكام خاصة بتعليم الأطفال اللاجئين .
بالإضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة والصكوك الإقليمية المتعلقة باللجوء، ثمة معاهدات أخرى توفر الحماية لطائفة من الحقوق الانسانية للاجئين وطالبي اللجوء، والمعاهدة التى تحدد المعايير التى تتعلق بالاطفال هي اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والتي تشمل حقوقاً لجميع الاشخاص الذين لاتتجاوز أعمارهم 18 عاماً، من خلال معايير شاملة تغطي تقريباً كل ناحية من نواحي حياة الطفل .
وتبرز أهمية اتفاقية حقوق الطفل بالنسبة للأطفال اللاجئين من خلال المصادقة شبه العالمية عليها، إضافةً إلى أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تستخدم الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية كمباديء توجيهية تشكل إطاراً مرجعياً لعملها، كون من مبادي اتفاقية حقوق الطفل ايلاء مصالح الاطفال الفضلي الأعتبار الأول
ودعماً لتنفيذ وتعميم النصوص القانونية السابقة تبنت مؤتمرات القمة العالمية الخاصة بالأطفال بعض الأهداف أدرجت بموجبها الأطفال اللاجئين ضمن فئة الأطفال الموجودين في ظروف صعبة للغاية، وأقرت آليات حماية خاصة بهم يمكن إيجازها بما يلي:
- إعطاء الاجراءات الخاصة بالاطفال اللاجئين الاعتبار الاول في سلسلة الأولويات .
- اعطاء الطفل اللاجيء الحق بالاشتراك مع بقية افراد مجموعته في ان يتمتع بثقافته وممارسة شعائره الدينية .
- حق الطفل الذي يقع ضحية أي شكل من اشكال الاساءة او الاهمال في التأهيل البدني والنفسي واعادة الاندماج الاجتماعي.
- وجوب توفير الامن والحرية الشخصية للطفل اللاجيء .
- الوقاية من حالات الاعاقة وعلاجها .
- للطفل الذي يسعي للحصول على مركز اللاجيء الحق في تلقي الحماية والمساعدة الانسانية .
- وجوب التعاون بين الدول الاطراف من اجل حماية الطفل اللاجيء ومساعدته للبحث عن والديه وأفراد اسرته



"في هذا العام، أود التأكيد على أهمية التيقن من أن الالتزامات التي تعهد بها المجتمع الدولي لصالح أطفال العالم تشمل مجموعة من الأطفال الذين كثيرا ما يتعرضون للنسيان أو التجاهل، ألا وهم المحرومون من حريتهم"
 الأمين العام للأمم المتحدة


اتفاقية حقوق الطفل: http://un.me/11uOG3k
اليونسكو : http://ar.unesco.org/


السبت، 21 نوفمبر 2015

مدرسة المستقبل Future School بواسطة: سارة الايداء

مدرسة المستقبل Future School

 مدرسة بلا أسوار. ليس بالمعنى المادي للأسوار ولكنها مدرسة متصلة عضوياً بالمجتمع وبما حولها من مؤسسات مرتبطة بحياة الأفراد متصلة بقواعد الإنتاج, متصلة بنبض الرأي العام ومتصلة بمؤسسات الثقافة والاعلام. مدرسة متصلة بمؤسسات الحكم المحلي, وتقترب من أعماق المجتمع بواسطة أنشطتها. رغم استخدام الكثير من الباحثين لمصطلحات مثل "المدرسة الذكية" "Smart School". والمدرسة الالكترونية "Electronic  School ". والمدرسة الافتراضية "Virtural  School ". والمدرسة التكنولوجية "Technological  School ".الا أنها جميعها تحمل سمات  مدرسة المستقبل.(أحمد,2012) ويمكن عرض بعض من سماتها وخصائصها:
زيادة الامكانية بين الطلبة فيما بينهم . وبين الطلبة والمدرسة من خلال مجالس النقاش, والبريد الالكتروني, وغرف الحوار.
المساهمة بوجهات النظر المختلفة.
الاحساس بالمساواة.
سهولة الوصل إلى المعلم.
إمكانية تحوير طريقة التدريس.
ملاءمة مختلف أساليب التعليم.
المساعدة الاضافية على التكرار.
توفر المناهج طوال اليوم وفي كل الاسبوع.
عدم الاعتماد على الحضور الفعلي.
الاستفادة القصوى من الزمن.
تقليل الاعباء الادارية على المعلم.

صور مدرسة المستقبل:
1-مدرسة كسر القالب "الامريكية" Break the mold school 
وقد قامت بتأسيسها شركة أمريكية كبرى في عام 1991م بغرض تطوير المدارس, ويقوم بتمويلها القطاع الخاص, قد سميت بهذا الاسم لأنها مدارس غير تقليدية تستطيع مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. (أحمد,2012)
وتتلخص ملامحها في:
- زيادة استخدام التكنولوجيا التعليمية.
- تغير طبيعة العلاقة بين المدرسة والمجتمع لزيادة التفاعل والارتباط بينهم.
- بناء التقويم التربوي بشكل يصل إلى الحقيقة المطلوبة.
- تغير دور المعلم من توصيل المعرفة إلى المرشد أو المدرب الشخصي.
- تحقيق التكامل في المنهج التربوي وفي التعليم بين مختلف المواد الدراسية.
2-مدارس الميثاق Chatter School :
وهي مدارس شديدة التنوع فيما يتعلق ببرامجها واستقلاليتها وخططها التقويمية وهى مؤسسات تعليمية اختيارية تعمل على أساس اتفاقية تعطيها امتيازات عن غيرها من المدارس, وهذا الميثاق ينعقد بين الجماعة التي تؤسس هذه النوعية من المدارس وبين راعيها الذي يكون إما مجلس التعليم المحلي, أو مجلس المنطقة أو مجلس الولاية.
ومدارس الميثاق يمكن أن تكون مدارس ابتدائية أو ثانوية, وتتميز عن المدارس العامة الرسمية بمكانتها الخاصة , وبموجب أنظمتها تتمتع بحريتها مقابل وعدها بتحسن أداء الطلبة, ولذلك فهي تقتحم ميادين التجريب والتجديد. (أحمد,2012)
3- المدرسة النوعية School Driven Quality
وهي نموذج لمدرسة المستقبل التي تتبنى نظرية الجودة الشاملة والتي أساسها "جودة التعليم" ونوعيته العالية وتركز على مبدأ "التحسين المستمر" وفق أعلى معايير الأداء العالي, سواء في التحصيل الدراسي أو طرق التدريس أو أسلوب الإدارة أو المناهج الدراسية, أو العلاقات المدرسية وغيرها. (العبد الكريم, 2004)

4-المدرسة المنتجة Productivity School
تقوم فكرة هذا النوع من المدارس على ربط العملية التعليمية بالإنتاج, من خلال جعل المناهج الدراسية والأنشطة الصيفية عاملاً مساعداً في العملية الإنتاجية, وإقامة مشاريع إنتاجية داخل المدارس, يديرها الطلاب والمعلمون بهدف تربية رجال أعمال ناجحين من الطلاب يمكنهم إقامة مشاريع مشابهة لها مستقبلاً عند انتهاء دراستهم, وبالتالي فهي تربط التعليم بسوق العمل. كما تفيد في نقل الخبرة من المعلمين للطلاب وتوفر بيئة لتعليم إدارة المشاريع الناجحة وتوفر للمتعلم الفرصة للمساهمة في تطوير مجتمعة وتحويلة من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع منتج, كما يسهم هذا النمط المدرسي في توفير موارد ذاتية للإنفاق على أنشطة المدرسة, يتيح لها مساحة واسعة من الحرية للتطوير وتعزيز قدراتهم والتقليل من الاعتماد على الدعم المقدم من قبل الجهات الرسمية المنفقة على التعليم. (أحمد, 2012)
5- المدرسة التعاونية The Collaborative School
وهي نموذج للمدرسة التي تقوم على مبدأ التعاون بين المعلم والمتعلم, والتعاون بين المعلمين معاً, في تحضير الدروس ووضع الاختبارات, ومناقشة كيفية تطوير أساليب التدريس, ومعالجة المشكلات والقضايا المدرسية, والتعاون بين المعلمين والغدارة المدرسية والعمل برح الفريق بين جميع الأطراف.(العبد الكريم,2004)
أهداف مدرسة المستقبل:
-تحقيق مستوى تعليمي متميز في اللغات والعلوم والرياضيات وعلوم البيئة والحاسوب. بمفردات تتعامل مع عصر العولمة والمنافسة وسوف تشكل إضافة حقيقية لتطور المجتمع نحو الأفضل.
-جذب اهتمامات التلاميذ وتحقيق تفاعلهم مع زيادة دافعيتهم للتعلم بما يفعل عملية التعلم ويرفع من قيمتها. كما تقوم هذه المدرسة بإتاحة الفرصة لمن يواجهون صعوبات في التعلم وتنقصهم الدافعية والثقة بالنفس للتقدم في التحصيل من خلال ما تقدمة لهم من مصادر الجذب والتشويق.
-إنشاء الشبكة اللازمة لربط الانظمة  الداخلية للمدارس المختلفة. و الربط بين المدرسة والمعلمين والاباء والطلبة والمجتمع. بالإضافة للربط بين المدارس وشبكات مدارس أخرى.
-تقديم التعليم في أي وقت ومن أي مكان عبر الوسائط التعليمية الالكترونية ومواد التعليم التفاعلية. (الحلفاوي, 2006)

المراجع والمصادر:
أحمد, إبراهيم أحمد (2012). التربية الدولية, دار الفكر العربي, مصر.
الحلفاوي, وليد (2006). مستجدات تكنولوجيا التعليم في عصر المعلوماتية.ط1,دار الفكر, عمان.
العبدالكريم, راشد (2004). مدرسة المستقبل. ورقة عمل مقدمة لندوة مدرسة المستقبل خلال 16-17 رجب, جامعة الملك سعود, الرياض.

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

تجارب بعض الدول في مجال الإصلاح التربوي. بواسطة: سارة الايداء


تجارب بعض الدول في مجال الإصلاح التربوي
(كندا- السويد- اليابان)

1.         تجربة الإصلاح التربوي في كندا :
إن المقاطعات تتمتع بالسيطرة والسيادة التامة على المسائل المرتبطة بالتحديث والتطوير بعيدا عن معوقات البيروقراطية المركزية، وتقدم الهيئات الحكومية في المقاطعات الدعم المالي والسياسي اللازم لتسيير النظام التربوي. فيوجد في كل إقليم أو مقاطعة مديرية للتربية   أو وزارة للتربية. وعلى المستوى القومي يوجد جهاز قومي بمثابة مجلس لوزراء التربية ويطلق عليه مسمّى (CHEC)، ومهمته إتاحة الفرصة للوزراء أو المديرين في المقاطعات لبحث آليات التعاون وتبادل الخبرات والمعلومات. وتمثل هذه الهيئة كندا في المحافل الدولية.
ويعتبر الإصلاح التربوي الذي جرى في ولاية أونتاريو 1996، هو الأكثر شمولية منذ 1968. وكان الإصلاح الذي جرى في تلك السنة قد أعطى المجالس التربوية في الولاية، والتي تعد حوالي 168 مجلسا، صلاحيات مستقلة في التعديل. أما الإصلاح الأخير فقد عاد إلى وضع مقاييس ومعايير موحّدة لعملية التغيير. ويعتبر الكثير من التربويين في أونتاريو أن العامل الوحيد الذي أدّى إلى الإصلاح التربوي الأخير، هو النتائج المتدنية للطلاب في المسابقات الدولية. فعلى إثر هذه النتائج، أنشأت مكتبا لمراقبة الجودة التربوية. ومن أهم القرارات التي اتخذها المكتب، هو إجراء امتحانات دورية لطلاب الصفوف الابتدائية والثانوية، كما أعلنت الوزارة عن وضع معايير لدفتر علامات التلاميذ ومعايير لتدريب الأساتذة وتقييمهم.)1
ولقد تم إجراء الإصلاحات والتغيرات المذكورة بعد استشارات مكثفة شارك فيها المعلمون والمواطنون على نطاق واسع، إذ أبدوا ملاحظاتهم على وثيقة الإصلاح عن طريق الاستفتاء البريدي وصفحة الانترنيت. واعتمدت كندا على البحث العلمي الرصين كآلية لبناء التوجهات الإصلاحية، وتحديد أولويات التغيير، وذلك من خلال التعاون مع الجامعات ومؤسسات البحث الكندي.
واعتمدت كندا نظام الوحدات الدراسية (Credit System) كأسلوب للتكامل الأفقي داخل النظام التعليمي، يتيح للتلاميذ الانتقال من نوع إلى آخر من التعليم، واحتساب الوحدات التي تمت دراستها ضمن الخطة الدراسية لتخصصه الجديد، مع إمكانية التحول إلى الدراسة بدوام جزئي أو تمديد مدة الدراسة حسب الظروف الخاصة للتلميذ. ويتيح النظام التعليمي لمخرجات المرحلة الثانوية بمختلف فروعها إكمال دراستهم العالية ضمن شروط محدودة تتعلق بتلبية المتطلبات اللازمة للالتحاق بالمستوى الأعلى المطلوب.)2
     2.       تجربة الإصلاح التربوي في السويد :
وفي السويد، تتبنّى الدولة مسألة التعليم غير النظامي، وتجعلها في صلب اهتماماتها ومسؤولياتها لأسباب عديدة، أهمها تبنّي البرلمان السويدي لفكرة التربية المستمرة مدى الحياة وتخطيط التعليم على أساس التعليم المتجدد، الذي تعود جذوره إلى إنشاء المدارس الشعبية العالية (Folk High Schools) التي بدأت في السويد منذ عام 1868 حتى الآن ، والتي يشارك في تنظيمها وتمويلها المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية. ومن خلال هذه المدارس الشعبية، يتمكّن الراشدون الذين لم يستكملوا المدرسة الثانوية العليا، الالتحاق بالجامعات، ويمنح لهم كل التسهيلات للمشاركة في هذه البرامج.
ويمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من التعليم غير النظامي في السويد. فهناك تعليم الحركة الشعبية (Popular Movement Education) والذي يهدف إلى تقديم تعليم مدني عام، يبصر الطلاب بمسؤولياتهم، ويحاول أن يفي ببعض الحاجات التعليمية التي لا تأخذ حقها في المدارس المعتادة. وهناك تعلم الكبار في المحليات (Municipal Adult Education)، ويستكمل فيه الدارسون بعض مقررات المدرسة النظامية ويلتحقون بمقررات موجهة نحو إعداد مهني خاص، وهناك تدريب لسوق العمل (Labour-Market Training) للإعداد لمهنة معينة وفقا لحاجات سوق العمل.)3
وفي بلد مثل السويد، يجمع بين عدة اختيارات في المرحلة الثانوية التالية للمرحلة المتوسطة، في إطار مؤسسة واحدة متعددة الأغراض.  كذلك نجد هذا البلد ينشئ كثيرا من المؤسسات المجددة من بينها ما يعرف باسم " جيمنازيسكولا " (Gymnasieskola). ومن الجدير بالذكر أن خمس الطلاب المسجلين في هذه المؤسسات هم ممن كانوا يعملون ثم عادوا إلى الدراسة. والهدف الرئيسي من هذه التجديدات في السويد (وبعض البلدان الأخرى)، تحقيق اندماج أكبر بين مختلف المؤسسات التعليمية في المرحلة الثانوي، وبالتالي تعدد أغراض المؤسسة الواحدة.)4
وباشرت السويد في مطلع عقد التسعينات بتطبيق حملة واسعة لإصلاح التعليم الثانوي بمختلف فروعه من أجل تحقيق التكامل ما بين التعليم الثانوي العام والتعليم الثانوي المهني والفني. وقد استهدفت استراتيجيات التكامل ما يأتي :
تيسير الانتقال الأفقي للتلاميذ بين مختلف برامج التعليم الثانوي، وإتاحة الفرصة أمام مخرجات التعليم الثانوي المهني والفني لمواصلة الدراسة في مراحل ما بعد الثانوية التي لم تكن متاحة في النظام السابق إلا بعد استكمال دراسات خاصة.
 استحداث نظام المقررات في مختلف البرامج الوطنية الجديدة للتعليم الثانوي (وعددها 14 برنامجا مهنيا وفنيا وبرنامجان عامان، ولكل منها فروع وتخصصات عديدة) لإتاحة الفرصة لكل تلميذ توجيه دراسته وفقا لحاجاته ورغباته ضمن ضوابط محددة.
 الارتقاء بمستوى التعليم الثانوي المهني والفني إلى نفس مستوى التعليم الثانوي العام من خلال توحيد مدة الدراسة وتطوير المناهج الدراسية، واعتماد مواد دراسية إلزامية مشتركة (core subjects) لجميع البرامج وهي : اللغة السويدية واللغة الإنكليزية والرياضيات والتربية الوطنية والتربية البدنية والصحة وأنشطة فنية وعلوم عامة. ومن بين أهداف إدخال هذه المواد الإلزامية المشتركة تحقيق مبدأ " التعلم مدى الحياة ".)5

     3.       تجربة الاصلاح التربوي في اليابان :
التجربة الآسيوية تجربة متميّزة في ميادين عدة، ولفتت انتباه العالم في تميّزها الاقتصادي والسياسي والتربوي. فالغرب والأمريكيون على سبيل المثال، قد انشغلوا لسنوات طويلة بدراسة سر تفوق الإدارة  اليابانية والاقتصاد الياباني والأسباب التي أدت إلى تحول اليابان من دولة مدمّرة في الحرب العالمية الثانية إلى دولة عظمى تنافس وتتفوق في كثير من الأحيان على كبريات دول العالم.
إن الشواهد تبين أن التربية والتعليم والعمل الاجتماعي الدؤوب وإرادة الشعوب، هي التي مكنت اليابان أن تتبّوأ المكانة التي تحتلها بين شعوب العالم. فبعد الحرب العالميّة الثانية، قامت اليابان بإحداث تغييرات كبرى على مناهجها التعليمية وأنظمتها التربوية قصد تجاوز الأحداث والهزيمة التي مُنيت بها. ومن أبرز التغييرات والإصلاحات التي حدثت في اليابان بعد الحرب العالميّة الثانية، " إلغاء بعض المواد والمناهج غير الأساسية، وإضافة ساعات جديدة لليوم الدراسي، وإطالة الأسبوع الدراسي ليصبح خمسة أيام ونصفا، واقتصار الإجازة السنوية على شهر للمعلمين والطلاب، وتبنّي سياسات فاعلة للقضاء على مشكلة التسرب، ولزيادة فرص الالتحاق بالتعليم العالي، وانتهاج سياسة الحزم داخل المدارس، خاصة ما يتعلق بالواجبات المدرسيّة، والابتعاد عن أساليب الحفظ والجمود والتبعية الفكرية للنمط الغربي الأوروبي الأمريكي، وتسخير أجهزة الإعلام لخدمة القضايا التربوية، فخصصت شبكتين للإذاعة والتلفزة لخدمة القضايا التربوية ".)6
ومنذ الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، حدثت إصلاحات عدّة في بنية وهيكلة وبرامج التعليم في اليابان استهدفت تعميق ربط التربية بالإنتاج والقيم اليابانية، وتكريس مبادئ التميّز والتفوّق، والمحافظة على الذاتية والخصوصية اليابانية. ولعل الفضل فيما وصلت إليه اليابان اليوم، من قدرات وتميّز في تعليمها، يعود إلى الإصلاحات الكبرى التي تمت في مراحل مختلفة من تاريخها. ومن أهم هذه الإصلاحات، ما قام به رئيس الوزراء الأسبق ياسوهيرو ناكاسوني الذي قرر في عام 1984 تأسيس مجلس وطني للإصلاح التربوي بمثابة هيئة استشارية لدى رئيس الوزراء، ويرأسه رئيس جامعة كيوتو الأسبق. وضم المجلس في عضويته 25 ممثلا للآباء والمدرسين والنقابات ووسائل الإعلام والسلطات التربوية والإدارات المحلية ورجالات الصناعة والمنظمات الرياضية ومنظمات التعليم غير المدرسية، إضافة إلى عدد من المتخصصين. وبعد دراسات وأبحاث جادة، اقترح المجلس إحداث تغييرات على أهداف التربية وإدخال تغييرات في بنية النظام التربوي وهيكليته ومساراته.
وفي إطار هذه الإصلاحات، عملت وزارة التربية جاهدة على تسهيل استعمال مؤسسات التعليم الرسمية كمراكز تعليم للسكان المحليين (فتح المدارس الثانوية والجامعات أمام الجمهور، وتنظيم سلسلة محاضرات عامة مثلا)، كذلك سعت الوزارة إلى توثيق الروابط بين الأسرة والمجتمع، وإلى تشجيع الأنشطة التطوعية وأنشطة رابطات الآباء والمدرسين والمنظمات غير الحكومية، وأنشأت مكتبا للتربية المستديمة داخل الوزارة، وتعمل على إنشاء مدارس ثانوية تطبق نظام الوحدات القيمية، وتسعى إلى إضفاء المرونة على مدّة المنهاج لتيسّر متابعة الدروس بالمراسلة أو بدوام جزئي. كما تعمل الوزارة على تحسين وإصلاح بنى وأنشطة معاهد الدروس العليا، بإنشاء مؤسسات من نوع جديد (جامعة للدراسات المتقدمة، ومدرسة للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة مثلا)، لمواكبة تطور البحث العلمي، كذلك تسعى إلى تحسين برنامج المساعدة للطلاب والتي تقدم مشروعات في مجال البحث التربوي معدة لتلبية الطلب الاجتماعي.)7
ولعل آخر الرؤى الإصلاحية في اليابان، هو ما صدر عن لجنة رئيس وزراء اليابان حول أهداف بلاده في القرن الحادي والعشرين، إذ تضمن التقرير تشخيصا ناقدا وتحذيريا للواقع والتحديات، دون تجاهل للإمكانات الهائلة والمتوفرة في الشخصية اليابانية، وقابليتها للعطاء والتميّز والإبداع. ولعل أهم التحديات التي أشار إليها التقرير، هي مسألة محو الأمية الكونية، أو القدرة على معرفة الآخر والتواصل معه بعيدا كل البعد عن العقد الحضارية، والانزواء تحت مظلة الخصوصيات الثقافية والتوهّم بأن هذه الحضارة أو تلك لديها مفاتيح الحلول والعلوم ونكران ذلك على غيرها. يضاف إلى هذا التحدّي، تحدي التعامل مع العولمة وما تفرضه من متغيرات وتحديات لا مناص من التعامل معها بآليات جادة وواقعية. وركز التقرير على الصعوبات التي يواجهها اليابانيون في التعبير عن أنفسهم، وإقناع الآخرين، وعزوفهم عن تعلم اللغات الأجنبية خاصة الإنجليزية، والصعوبات التي تنجم عن كل هذا. إضافة إلى عجزهم عن اللحاق بالدول المتقدمة في مجال تكنولوجيا المعلومات التي أصبحت تمثل تحديا غير مسبوق في تاريخ البشرية.
في ضوء هذه الاعتبارات والملاحظات، عرض تقرير لجنة رئيس الوزراء عددا من القضايا التي ينبغي الالتفات إليها في أنظمة التربية والتعليم. ومن بين أهم ما أكّد عليه التقرير، أهمية تشجيع روح المبادرة لدى الأفراد وتعويدهم على التميز والإبداع، وتوفير المكافآت لهم بعيدا عن الإيمان الراسخ في نفوس اليابانيين بالمساواة بين البشر. وينص التقرير على أهمية زرع روح المغامرة، وتقبل المخاطر في المجتمع، وتشجيع الأفراد على ابتكار أعمال خاصة بهم وتأسيسها، وإتاحة الفرص المتكافئة للجميع في هذا الإطار، حتى لا يلجأ الأفراد إلى الأمان والسكينة والدّعة، الأمر الذي يعوق الإفراط فيه الإبداع والتميّز.
وأكد التقرير أن التعليم المطلوب في اليابان هو تعليم يطلق القدرات والقوى، ويشجع التميز بعيدا عن هيمنة النظام التربوي الحالي الذي يميل إلى وضع الجميع في قالب واحد. ويقترح التقرير ضغط مناهج التعليم الابتدائي والمستوى الأدنى من التعليم الثانوي (المتوسط) بحيث يتم تخصيص ثلاثة أيام أسبوعيا لتلقي قدر من التعليم الإلزامي المنتقى بعناية، بينما يخصص اليومان الباقيان من الأسبوع لمراجعة تلك المواد الإلزامية، وذلك بالنسبة إلى الأطفال الذين لا يستطيعون المتابعة والتحصيل.
أما بالنسبة إلى الأطفال الذين استطاعوا المواصلة والتحصيل بكفاية، فإن لهم مطلق الحرية في أن يختاروا بين عدة أنواع من التخصص الأكاديمي ودراسة الفنون وممارسة الرياضة، وأي شكل آخر من الأشكال المختلفة لتنمية الشخصية وتطويرها. ودعا التقرير إلى تمتين العلاقة بين المدرسة والأسرة، وإعطاء قدر أكبر من الحريات لمؤسسات التعليم العالي، والحرص على استخدام اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في البلاد، وتعميمها في المراحل التعليمية. والاستخدام الرسمي، والسعي إلى جذب الطلاب الأجانب إلى الدراسة في اليابان لتعميق المعرفة الكونية لدى اليابانيين ولتكوين قاعدة كبرى من الأصدقاء للمجتمع الياباني.)8
وبشكل عام، يوفر نظام التعليم للتلاميذ الذين يكملون التعليم الإلزامي (9 سنوات) تعليما ثانويا ذا تخصصات متنوعة. وتصنف برامج التعليم الثانوي إلى نوعين : عام ومتخصص. وتصنف المقررات المتخصصة إلى : زراعة، صناعة، تجارة، صيد الأسماك، اقتصاد منزلي، علم التمريض، العلوم، الرياضيات، اللغة الإنجليزية وغيرها من التخصصات. وتوفر بعض المدارس الثانوية برامج بتفرغ جزئي وبالمراسلة للعاملين الشباب الراغبين في مواصل دراستهم الثانوية أثناء العمل. وفي عام 1988، استحدث نوع جديد من التعليم الثانوي هو نظام الوحدات (Credit-System) استهدف توفير نوع خاص من برنامج المراسلة أو التعليم الجزئي للمواطنين بشكل يمكّنهم من مواصلة دراستهم الثانوية في أي وقت، وفق احتياجاتهم الخاصة.)9
إن أهم ما تتميز به اليابان عن غيرها من الدول المتقدمة، هو اعتماد ما يعرف بنظام المشاركة (Partnership) بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية، ومدارس التعليم الثانوي المهني. وتتمثل هذه الآلية بإبرام اتفاق شبه رسمي طويل الأمد فيما بينها، وبموجبه تقوم مؤسسات سوق العمل بتوفير معدات وأجهزة للمدارس المهنية، وتقديم خبراتها في تطوير المناهج الدراسية والمساهمة في تنفيذها، وتوفير فرص للتدريب الميداني في موقع العلم للتلاميذ، وقيامها بانتقاء التلاميذ المتفوقين     أو المتميزين بإنجازاتهم في المدارس الثانوية وتشغيلهم. وبهذا فهي توفر حوافز اقتصادية للتلاميذ. وبالوقت نفسه تقوم المدارس المهنية بدور أكثر فاعلية في توجيه التلاميذ نحو سوق العمل.)10
وجدير بالذكر، أنه في ضوء المنهاج الدراسي المعدل لليابان، تقرر وجوب تزويد جميع المدارس الرسمية في التعليم الابتدائي وفي المتوسط والثانوي بحاسبات إلكترونية مع حلول 1994، وذلك بفضل الدعم المالي للحكومة والمجتمعات المحلية. وتعمل الحكومة اليابانية على مد يد العون والمساعدة لقطاع التعليم العالي الخاص، إذ تغطي مساعدات الدولة 21.5 % من نفقات التعليم العالي الخاص.)11
ويعتمد نظام التعليم في اليابان على اللامركزية. ويقتصر دور وزارة التعليم على التنسيق ووضع السياسات العامة طويلة المدى. وبالنسبة إلى مسؤولية وضع الميزانيات المدرسية والمناهج التعليمية والتقنيات في المدارس والإشراف، فهي من اختصاص مجالس التعليم المحلية. أما بالنسبة إلى محتوى التعليم فإن كل مدرسة تقوم بوضع مقررها الدراسي الخاص بها، وفقا للمنهج الدراسي الذي تعده وتنشره وزارة التعليم. وتقوم مجالس التعليم المحلية باختيار الكتب المدرسية بين هذه الكتب التي تعدها الوزارة. وتعتمد مناهج التعليم على الكتب الحرة الاختيارية وحرية الاطلاع والمذاكرة، وعادة ما تكون أسئلة الامتحانات لقياس القدرات وإبراز عناصر الابتكار والإبداع والتفكير غير التقليدي لدى الدارسين. والمدرسة تمثل عنصر جذب ومتعة حقيقية لأطراف العملية التربوية بما توفره من راحة وإشباع للرغبات والهوايات وانتشار الألفة والحب القائم على الاحترام.)12



المراجع والمصادر

)1  فيروز فرح : البحث التربوي وصنع القرار. ورشة عمل حول تطور البحث التربوي في التعليم النظامي ومحو الأمية وتعليم الكبار في الوطن العربي. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس 6  10 مارس 2000،        ص 9  10.
)2  المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم : تحدّيث برامج التعليم الثانوي العام والثانوي المهني والفني،وتكاملهما وربطهما باحتياجات التنمية في الأقطار العربية. مرجع سابق، ص 32.
)3 نبيل عامر صبيح : 1998، ص 90.
)4 عبد الله عبد الدائم ، 1988، ص 68.
)5  المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم : تحدّيث برامج التعليم الثانوي العام والثانوي المهني والفني وتكاملهما وربطهما باحتياجات التنمية في الأقطار العربية. مرجع سابق، ص 34.
)6 محمد صادق الموسوي : السياسات التربوية لما بعد الحروب. مجلة  التربية. العدد (6)، السنة الثانية، وزارة التربية الكويت، 1991، ص 231  232.
)7  إيزاد سوزوكي : إصلاح التعليم في اليابان في منظور القرن الحادي والعشرين. مستقبليات. مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية. عمان، الأردن، المجلد 20، العدد 1، 1990، ص 27  28.
)8  مكتب التربية العربي لدول الخليج : أهداف اليابان في القرن الحادي والعشرين. تقرير لجنة رئيس وزراء اليابان حول أهداف بلاده في القرن الحادي والعشرين. سلسلة إضاءات تربوية، العدد الأول 2000، ص 9  39.
)9  المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم : تجارب عالمية في تكامل التعليم الثانوي العام والتعليم المهني والفني، وربطهما باحتياجات سوق العلم. الرياض 1998، ص 82.
)10 المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم : تحدّيث برامج التعليم الثانوي العام والثانوي المهني والفني،وتكاملهما وربطهما باحتياجات التنمية في الأقطار العربية. مرجع سابق، ص 32.، ص 90.
)11  حسن أبو بكر فريد العولقي : تجارب محلية وعربية ودولية لمصادر وبدائل لتمويل التعليم. ورقة مقدمة إلى اجتماع تمويل التعليم في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج. الكويت، جمادى الثانية 1919، أكتوبر 1998،   ص 59.
)12 بدرية المفرج وآخرون : دراسة حول التطوير والإصلاح التربوي، نماذج من بعض الدول، دراسة مكتبية، وزارة التربية. مركز البحوث التربوية والمناهج، دولة الكويت 1999،  ص 24  25.