الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

بعض قضايا حقوق الأطفال بواسطة: بلسم المغذوي


بعض قضايا حقوق الأطفال

إعداد: بلسم المغذوي

عرف القرن العشرين تطوراً كبيراً في مجال إقرار حقوق الإنسان, وحدد المجتمع الدولي عدة مواثيق تهم الإنسان بمختلف أجناسه وأعماره وحالاته, ومن المعلوم أن ثمة أسباب وراء اهتمام الأمم المتحدة بتسطير حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الأطفال بصفة خاصة, مثل الحروب العالمية الأولى والثانية وظاهرة الاستعمار والاستبداد السياسي والحرب الباردة وغياب النظام الديمقراطي وانعدام العدالة الاجتماعية وتعطيل النهج الديني الإسلامي, مما استلزم وضع خطط قانونية وإجرائية وجزائية ومعنوية للحد من الاعتداء على الحق الإنساني وخاصة حق الطفل.

وتعرّف اتفاقية حقوق الطفل في المادة الأولى الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة أو ما لم يبلغ سن الرشد, أي أن الطفل هو الذي ما زال في حاجة إلى رعاية ووصاية وغير قادر على تحمل المسئولية المدنية والاجتماعية لوحده, أما في الإسلام فالطفل هو الذي لم يدرك مرحلة التمييز والإدراك العقلي, كما أنه غيرخاضع للتكليف والمحاسبة الدينية والمدنية والجنائية.

وقد ظهرت عدة مواثيق دولية تهتم بحقوق الطفل, وإن كان الإسلام قد سبقها جميعاً في تحديدها وإقررها والمحاسبة عليها, ومن المواثيق الدولية المعاصرة التي نصت على حقوق الأطفال مايلي:

1.    إعلان جنيف لحقوق الطفل عام 1924 م

2.    إعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في نوفمبر 1959م

3.    الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م

4.    العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

5.    العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

6.    النظم السياسية والصكوك ذات الصلة للوكالات المختصة والمنظمات الدولية المعنية بالطفل (حمداوي,2007).

وقد ميزت هذه الاتفاقية بين الطفل السوي والطفل المعاق, وخصصت للأخير بعض الحقوق, وتصنف حقوق الطفل السوي إلى ما يلي:

·       حقوق الطفل الأسرية والعائلية: فللطفل الحق في الحياة والبقاء والنمو وتسجيله فور ولادته, وله الحق في الحصول على الاسم والجنسية وتلقي الرعاية من والديه والحفاظ على صلاته العائلية.

·       حقوق الطفل المدنية والسياسية: من حقوق الطفل حرية التعبير قولا وكتابة وصحافة وطباعة وفنا وله الحق في طلب المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها, وله الحق في تكوين الجمعيات وحرية الاجتماع السلمي دون اعتداء عليه أو على أسرته ويجوز ان تخضع هذه الحقوق لبعض القيود كاحترام الغير وحماية الأمن الوطني.

·       حقوق الطفل الصحية: يجب أن يتمتع الطفل بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وله الحق في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي والحصول على المساعدات الطبية والانتفاع من الضمان الاجتماعي.

·       حقوق الطفل المالية والمادية: للطفل كامل الحق في التمتع بمستوى معيشي ملائم لنموه العقلي والوجداني والبدني والروحي والاجتماعي لذلك يتحمل الوالدان او أحدهما أو الأشخاص المسئولين عن الطفل المسئولية الأساسية في حدود إمكانياتهم المالية وقدراتهم كما تقدم الدول الموقعة على الاتفاقية المساعدة المادية وبرامج الدعم.

·       حقوق الطفل في التربية والتعليم:

تعترف الاتفاقية الدولية بحق الطفل المشروع في التربية والتعليم على أساس تكافؤ الفرص ويستند هذا الحق إلى جعل التعليم الابتدائي مجانياً وإلزامياً للجميع, وتطوير شتى أنواع التعليم الثانوي, مع اتخاذ كافة الوسائل لضمان إدارة التعليم في المدارس على نحو يتمشى مع كرامة الطفل الإنسانية ومحاربة الأمية والقضاء على الجهل وتطوير وسائل التعليم الحديثة.

·       حقوق الطفل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية:

للطفل حقوق كاملة في الراحة ووقت الفراغ لمزاولة الألعاب والأنشطة الرياضية وأوقات الاستجمام المناسبة لسنه بحرية في الحياة الثقافية أو الفنية. وتهتم الدول بحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي أو الاستغلال الجنسي أو اختطاف الأطفال أو الاتجار بهم أو أي عمل يعيق الطفل عن التعلم ويكون ضاراً به.

·       حقوق الطفل القضائية والجنائية:

يمنع تعذيب الطفل أو معاقبته بقسوة أو التصرف معه جزائياً بطريقة غير انسانية ومهينة, كما لا يجوز اعتقاله أو سجنه إلا وفق القانون وأن يعامل بكرامة واحترام وانسانية, وله الحق بالاتصال بأسرته وإعادة تأهيله في المجتمع.

·       حقوق الطفل الدولية والإنسانية :

تمنع اتفاقية حقوق الطفل إشراك الأشخاص الذين لم تبلغ سنهم خمس عشرة سنة في الحروب والمنازعات العسكرية الطاحنة أو تجنيدهم في القوات المسلحة كما تلزم الدول بحماية الطفل من المنازعات واتخاذ كافة التدابير الممكنة.

أما بالنسبة لحقوق الطفل المعاق وبالاضافة إلى حقوقه كأي طفل سوي, فإن اتفاقية حقوق الطفل تعترف بضرورة تقديم الرعاية للطفل المعاق ومساعدته وحمايته نفسياً وحركياً وعقلياً واجتماعياً, وأن يتمتع بحياة كاملة وكريمة في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على نفسه وتيسر مشاركته الفعالة في المجتمع, ومن الأفضل أن تقدم المساعدات مجاناً إلى الطفل المعاق, وأن تستهدف المساعدات إمكانية الحصول على التعليم والتدريب وخدمات الرعاية الصحية وخدمات إعادة التأهيل والاعداد لممارسة عمل, والحصول على الفرص الترفيهية والاندماج الاجتماعي والثقافي للطفل على أكمل وجه ممكن (حمداوي, 2007).

ورغم ذلك, مازالت هناك عوائق ومثبطات تقف في طريق الإقرار بهذه الاتفاقيات و تنفيذها, كما تتعدد المشكلات التي تواجه حقوق الأطفال حول العالم وتتفاوت درجة حدتها من دولة إلى أخرى, كمشكلات العنف, والتمييز ضد الإناث وزواج القاصرات, ومشكلات تعاطي المخدرات والاتجار بها, ومشكلات تشغيل وعمالة الأطفال, وظاهرة استغلالهم في التسول أو تشردهم كأطفال الشوارع, وكذلك استغلالهم سياسياً في أعمال التجسس أو تجنيدهم في الحروب والأعمال العسكرية كتجنيد المنظمات الإرهابية للأطفال والزج بهم في ساحات القتال مثل داعش وغيرها.

وتعد المملكة من طليعة الدول التي وقعت على الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي كفلت حقوق الطفل كون معظمها متسق أساساً مع تعاليم الدين الحنيف, كما أنها سنت الأنظمة والمواثيق المحلية بهذا الخصوص, لكن هذا لا يعني أن الواقع خالٍ تماما من العراقيل, فهناك العديد من المشكلات التي تعيق حصول الأطفال على كامل حقوقهم, وأبرز مشكلتين سيتناولها هذا المقال بالنقاش هما العنف, وحقوق الأطفال ذوي الإعاقة.

1- العنف ضد الأطفال:

تطالعنا وسائل الإعلام بشكل شبه يومي بقصة من قصص العنف ضد الأطفال الذي يصل إلى درجة إزهاق الأرواح , وقد احتلت هذه القضية حيزاً كبيراً من النقاش في الآونة الأخيرة ولا تكاد تخلو صحيفة أو وسيلة إعلامية يومياً من مادة تتناول هذا الموضوع بشكل أو بآخر.

و يتخذ العنف ضد الأطفال عدة أشكال لعل أسوأها العنف الأسري, والعنف المدرسي, والعنف المجتمعي ضد فئات معينة من الاطفال كالمعاقين والأقليات, كما يتخذ عدة صور جسدياً ولفظياً ونفسياً.

ويعتبر العنف من أكثر الانتقادات التي توجه للمملكة فيما يتعلق بحقوق الطفل, وخاصة العنف الأسري.

ومن المؤسف أن العنف الأسري يمارس ضد الأطفال في مؤسسة تربوية ومن أشخاص يفترض أن دورهم التربوي في المقام الأول هو حماية الطفل وتقديم الرعاية والحنان له.

وقد أظهرت نتائج إحدى الدراسات أن الآباء هم الأكثر ممارسة للعنف تجاه الأطفال, وأن ممارسة العنف تجاه الأطفال في السعودية لا يرتبط بمستوى تعليم معين لدى الآباء ولا يرتبط بالحالة الانفعالية لدى الطفل, كما تعددت أشكال ممارسة العنف تجاه الأطفال حيث تراوحت بين الضرب الخفيف وهو الشكل الأكثر ممارسة وصولاً إلى الإهمال الشديد والطرد من المنزل (الرميح, 2013) .

والمتأمل لهذه القضية يجد أن  الحاجة أصبحت ملحة  لتبني الأسرة اساليب تربوية أكثر جدوى  في معالجة أخطاء الطفل , أساليب تتفهم احتياجات الأبناء بعيداً عن العنف, كتعزيز قيم الحوار وتقبل الأفكار بين الاجيال واحترام كرامة وإنسانية الطفل كأي إنسان كبير في السن.

إلا أن الأمر داخل المنازل لا يقتصر على عنف الآباء وأعضاء الأسرة, فالأسوء من ذلك عنف العاملات المنزليات تجاه الأطفال, وانتشار ظاهرة قتلهم أو تعذيبهم على أيدي خادمات أوكل لهن في خضم انشغال الآباء والأمهات  بمهمة ليست من اختصاصهن وهي مهمة التربية والعناية بالطفل.

إن الطفل الذي تعتني به الخادمة (ولا تربيه), هو في أحسن الأحوال طفل لا يحصل على حقوقه الثقافية وتتشوه الهوية الثقافية والعقائدية لديه, هو طفل محروم من الرعاية وإقامة الصلات العائلية الصحية, وربما تعرض للاستغلال الجنسي والقلق النفسي وانعدام الأمان وفي أسوء الحالات ينزع منه الحق في الحياة والبقاء.

الخادمة ليست إحدى مؤسسات التربية, وحقوق الأطفال هي في الأساس ممارسات تربوية وليست مجرد شعارات واتفاقيات, ولذلك فمن المتوقع جداً انتهاك هذه الحقوق على أيديهن, وفي هذه الحالة ربما يسلم الطفل من القتل, لكن من المؤكد أنه سيحرم من حقوقه التربوية.

ولا تزال هذه القضية مثار النقاش في الساحة السعودية, وطرحت عدة حلول لمعالجتها انطلاقاً من أن طبيعة الحياة المعاصرة اليوم وكذلك الأدوار الاجتماعية لكل من الأم والأب اختلفت عن الماضي, وبالتالي أصبحت التربية مسئولية مشتركة بين الأسرة ومؤسسات المجتمع ككل, ومن هذه الحلول قرار وزير التعليم افتتاح حضانات للأطفال في رياض الأطفال وجميع مدارس البنات الحكومية والأهلية لرعاية أطفال الأمهات العاملات بها, كون الحضانات مؤسسة تربوية مكملة لدور الأسرة, وذلك تحت اشراف مختصات تربويات (وزارة التعليم, 1436هـ)

وعلى الرغم من أن هذا القرار التربوي يصب في مصلحة الطفل, لكن الواقع أن تنفيذ هذا الحل يعيقه عدة أمور من بينها سوء وضع المباني المدرسية فأغلب هذه المباني متهالكة وغير قادرة في الأساس على توفير بيئة تعليمية ملائمة لطلاب المدرسة فضلاً عن أطفال الحضانة, بالاضافة إلى عدم تخصيص ميزانيات مناسبة لتشغيلها, وربما حداثة القرار يبرر إعطاء بعض الوقت للمسئولين من أجل التغلب على هذه العوائق وحماية حقوق الطفل الذي سيصبح يوماً ما رجل أو امرأة المستقبل.

2- حقوق الأطفال المعاقين:

الطفل المعاق هو فرد يستحق كامل حقوق الطفولة بالاضافة إلى حقوق المعاقين, ويعد الاطفال المعوقين الأكثر تعرضاً للإساءة والأكثر حرماناً من حقوقهم مقارنة بغيرهم من الأطفال العاديين, وينتج هذا عن الاتجاهات المجتمعية السلبية نحوهم, وعدم تقدير وتمكين المجتمع لهم, إضافة إلى نقص المعرفة عن ثقافة حقوق الطفل المعاق.

إن العزلة والتهميش الذي يعاني منه الأطفال المعاقين ورفضهم من قبل المجتمع ومن قبل ذويهم يأخذ أشكالاً مختلفة, ففي بعض البلدان يتم قتلهم بحجة القتل الرحيم, وفي بعضها الآخر يستخدمون للتسول أو كقطع غيار بشرية, كما يتعرضون لشتى أنواع الاستغلال الجنسي وغيره.

وتشير إحصاءات اليونسيف إلى أن عدد الأطفال المعاقين في العالم أكثر من 51 مليون طفل معاق معظمهم من الفقراء, ويتعرض 5% من الأطفال الصم و6% من المكفوفين للإعتداءات الجنسية, وأن 80% من هؤلاء الأطفال يعيشون في دول العالم النامي, وأن 89% من الأطفال المعوقين في الدول النامية لا تتوافر لهم فرص التعليم (محمد,2011)

وحتى عندما يعاني الاطفال نفس العقبات كالفقر أو الانتماء إلى إحدى الأقليات فإن الأطفال المعاقين يواجهون تحديات إضافية نتيجة لما يعانونه من الإعاقة, والحواجز التي يضعها المجتمع في طريقهم, وتصبح احتمالية الانخراط في المدارس وتلقي العناية الصحية أقل للذين يعانون من إعاقة فضلاً عن فقرهم.

ففي الكثير من البلدان ينحصر الاهتمام بالأطفال ذوي الاعاقة في إيواءهم في المؤسسات أو التخلي عنهم وإهمالهم ويواجهون أشكالا مختلفة من الاقصاء نتيجة الجهل والاتجاهات السلبية من الأسرة والمجتمع تجاههم, واعتبارهم في منزلة أقل من الأطفال العاديين.

ويلعب نوع الجنس الاجتماعي دوراً كبيراً في عملية الاقصاء, فاحتمال تلقي الفتيات الرعاية أقل من احتمال تلقي الفتيان لها, واحتمال إغفال الفتيات أكثر من إغفال الفتيان في التفاعلات والنشاطات الأسرية, أوالحصول على التعليم أوالتدريب المهني أو فرص العمل.

ويكون الإقصاء أحياناً ناتجاً عن غياب الأنظار, فعدد قليل من البلدان لديها معلومات موثوق بها حول عدد الأطفال ذوي الاعاقات من المواطنين أو نوعية الاعاقات التي يعانون منها, أو مدى تأثيرها على حياتهم, وفي بعض البلدان تواجه الأسر التي تربي أطفالاً ذوي إعاقات النبذ من المجتمع, ولذلك من المحتمل أن تتردد الأسرة في الافصاح عن أطفالها ذوي الاعاقة إما لأنهم يحاولون تفادي أن يكونوا منبوذين من المجتمع, وإما لأنهم يبالغون في الحماية المفرطة لأطفالهم, فإذا كان الطفل قد ولد وهو يعاني إعاقة ما, فإن ولادته قد لا تسجل, والأطفال الذين يقصون بهذه الطريقة ليسو معروفين لدى الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية التي يستحقونها (اليونسيف,2013)

وكثيراً ما لايلتحق الأطفال بالمدرسة بسبب العوق الذي يعتبر أكثر العوامل تعرضاً للإهمال, فحسب إحصائيات اليونسكو الأطفال الأكثر عرضة للإعاقة هم أقل حظاً في الانتفاع بفرص الالتحاق بالمدرسة, ويزداد التفاوت بحسب نوع الإعاقة, ففي العراق مثلاً وفي عام 2006 ثبت أن 10% من الأطفال غير المعرضين للاعاقة والذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات لم يلتحقوا بالمدرسة قط, وذلك مقابل 19% من الأطفال المعرضين لمشكلات سمعية, و 51% من الأطفال المعرضين إلى حد كبير للإعاقة الذهنية ( اليونسكو, 2014)

وعلى مستوى المملكة العربية السعودية ليست هناك إحصائيات دقيقة عن عدد الأطفال ذوي الاعاقة, لكن بفضل ثقافة مجتمعنا الإسلامية يبدو الحال أفضل من بعض المجتعات التي تفضل التخلص منهم, إلا أن هذا لا يعني أنهم يتمتعون بكامل حقوقهم على قدم المساواة مع الأطفال العاديين.

فعلى الرغم من الأنظمة التي سنتها الدولة لحماية ورعاية ذوي الاعاقة في المملكة إلا أن هناك قصور في تطبيق بعض النصوص على أرض الواقع، والأمر يحتاج في المقام الأول والأخير إلى التعامل مع ذوي الاعاقة من منطلق ديني وأخلاقي، إضافة إلى التشديد على نشر الوعي في مجتمعاتنا لضمان تمتع ذوي الاعاقة بكامل حقوقهم، ولكي يشعر كل واحد منهم أنه فرد منتج ومكمل لمجتمعنا المسلم المتكافل (العماري,2014).

إن أغلب الاتجاهات نحو الأطفال ذوي الاعاقة منطلقة من منظور العطف والشفقة التي تعبر في أساسها عن الدونية, وبطبيعة الحال لن تؤدي هذه النظرة إلى المساواة في الحصول على الحقوق, بل على العكس من ذلك,سوف تعزز تقديم أي مستوى من الخدمات بغض النظر عن جودتها.

وعلى سبيل المثال, لا يحصل جميع الأطفال ذوي الاعاقة على حق التعليم, وقد ينتظر الطفل المعاق سنوات عديدة ليحصل على مقعد في صفوف الدراسة, وحتى عندما يحصل عليه فالتعليم المقدم له ليس بنوعية تعليم الأطفال العاديين على علاته, وكمثال على ذلك لم تخضع مناهج التربية الخاصة للتطوير الذي شمل مناهج التعليم العام, كما أن الطفل ذي الاعاقة يضطر لقطع مسافات طويلة كل يوم للوصول إلى مدرسته, لأن مدرسة الحي الذي يسكن به لا تمنحه تعليماً مناسباً.

وصحيح أن التعليم السعودي اتجه منذ سنوات نحو دمج الأطفال ذوي الاعاقة مع غيرهم في المدارس بغية تسهيل حصولهم على حقوقهم كالأطفال العاديين, لكن الواقع يقول أن هذا الدمج ليس إلا مكانياً ولم يصبح ثقافياً بعد, إذ أن الملاحظ أن المجتمع تنقصه ثقافة حقوق الأطفال المعاقين على مستوى الوعي بها ونشرها وممارستها والتعامل بها.

إن ثقافة حقوق المعاقين هي جزء من ثقافة الإسلام, لكن المشكلة تكمن في أن العمل بها يشوبه الكثير من الخلل, فغالباً ما يتم تهميش الأطفال ذوي الاعاقة وحرمانهم من حقوقهم ومن إتاحة فرص التمكين التربوي والاجتماعي والثقافي لهم.

وتتجه وزارة التعليم حالياً نحو منظومة التعليم الشامل في كل مدرسة  من مدارس التعليم العام كحل لهذه المشكلة (صحيفة الشرق, 2015), بحيث تضم كل مدرسة بين جنباتها الطلاب العاديين والطلاب ذوي الاعاقة ويتلقون نفس التعليم, وهو ماتنادي به المنظمات الدولية كاليونسيف باعتبار أن الشمولية في التعليم بالنسبة للأطفال ذوي الاعاقة أفضل من الإدماج.

لكن ذلك قد لا يؤتي الفائدة المرجوة منه ما لم يكن هناك وعي مجتمعي بأهمية الحفاظ على حقوق الأطفال ذوي الاعاقة وتقبلهم, إذ ليس من المحتمل أن يتغير الكثير في حياة الأطفال ذوي الاعاقات مالم يتغير المجتمع ككل تجاههم, في سبيل التغلب على الجهل بهم وبأسباب إعاقاتهم وأساليب التعامل معهم, وتذليل العقبات التي تحول دون مساواتهم في الحصول على حقوقهم كالأطفال العاديين.


المراجع:

حمداوي, جميل ( 2007). من قضايا التربية والتعليم (ط 1), منشورات الزمن: الرباط, المغرب.

الرميح, يوسف أحمد (2013). العنف الأسري ضد الأطفال دراسة ميدانية في محافظة عنيزة بمنطقة القصيم. مجلة البحوث الأمنية , كلية الملك فهد الأمنية,السعودية, ع (54), ص ص 73- 102

صحيفة الشرق (27 مارس 2015).الدخيل: تطبيق التعليم الشامل في جميع المدارس. صحيفة الشرق ,السعودية, ع (1209), ص 10

العماري, سعود (21 ابريل 2014). أنظمة ذوي الاحتياجات الخاصة وحقوقهم. جريدة اليوم.السعودية, ع (14920).

محمد, أماني عبد الحميد (2011). دور بعض برامج التلفزيون المصري في التعريف بحقوق الأطفال ذوي الاعاقة.مجلة دراسات الطفولة. مصر, مج (14), ع ( 52), ص ص 51-61

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو (2014). التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع 2013-2014 التعليم والتعلم تحقيق الجودة للجميع. الطبعة الأولى. منشورات اليونسكو.

منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونسيف (2013). وضع الأطفال في العالم 2013 الأطفال ذوو الإعاقات. يونسيف.

وزارة التعليم السعودية (1436هـ). دليل الحضانات. المملكة العربية السعودية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق