الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

الفســـــــاد الثقافــــــي إعداد: سارة الايداء

الفســـــــاد الثقافــــــي



تشهد المجتمعات البشرية بغض النظر عن موقعها الجغرافي أو درجة نموها الاقتصادي أو مستوى ثقافتها السياسي شكلاً أو آخر من أشكال الفساد. فهو كمفهوم الخير والشر مرتبط بطبيعة بني البشر. والمجتمعات الصالحة التي تخلو من كافة مظاهر الفساد لا وجود لها الا في طوباويات الفلاسفة والمفكرين فالسفاد الثقافي هي ظاهرة تتسم بالعمومية حيث شهدتها كافة المجتمعات بدرجة أو بآخري على مر العصور بمختلف أنواع الفساد.
ونوضح م عني ومفهوم الفساد في اللغة: وهو العطب والتلف وخروج الشيء عن كونه منتفعاً به. أما الفساد في الاصطلاح الشرعي فهو اظهار معصية الله تعالى والانحراف عن هدية وألحاق الضرر بالأخرين وفي أنفسهم وأموالهم واعراضهم وكرامتهم. (هلال,2006). والفساد هو الخلل والاضطراب والتلف. عندما يكون الفساد مشكلة تعرقل المجتمعات في تطورها. فيستوجب على المجتمع والقطاع الخاص والعام استئصال هذا الفساد. ويمكن أن نوضح الفساد في معادلة. الفساد= درجة احتكار القرار+ حرية التصرف – المساءلة. أي أن الفساد مرتبط طردياً مع كل من الاحتكار والحرية وعكسياً مع المساءلة (محمد,2009)
وصور الفساد الثقافي متعددة وتتضمن جوانب الثقافة فهي تثمل الاشخاص والاخلاق والسلوكيات والمعتقدات والاموال والقوانين. فمن صور الفساد: الفساد المالي, والفساد الاخلاقي, والفساد السياسي, والفساد التعليمي, والفساد الاداري, والفساد البيئي. وقبل أن نتحدث عن هذه الانواع سنتحدث عن عوامل أنتشار الفساد داخل المجتمعات.
يعتمد أنتشار الفساد على ثلاث عوامل أساسية أذا توفرت له أصبح من السهل ممارسة الفساد وانتشاره. أولها وجود دافع لارتكاب الفساد ويتمثل بوجود بيئة ضعيفة تسهل ارتكاب الفساد مثل: النظام الديكتاتوري يتسم بعدم الشفافية فيسمح لأصحاب المنظومة بارتكاب الفساد والاستفادة من المناخ السائد بالإضافة الى انخفاض الحس الوطني والاخلاقي. والعامل الثاني وهو وجود فرصة لارتكاب الفساد داخل إي ثقافة. والعامل الثالث وجود مبررات لارتكاب الفساد لأنها أن برر للفساد بجميع أنواعه انتشر في المجتمع . وأصبح ارتكابه أمر طبيعي ومن ثم تفشى داخل المجتمع (رفاعي,2011).
وهذه هي العوامل الاساسية العامة في أي مجتمع يتعرض للفساد. وسنذكر حلقات أكثر دقة للعوامل المؤدية للفساد. الحلقة الأولى: هي تحلل القيم وضعف المبادئ وضعف الالتزام الاخلاقي, فبالتالي ينتشر الفساد فينتج عنه ضعف المسئولية والاخلاص وتتلاشى كفاءة العمل. الحلقة الثانية: الفراغ السياسي والتفتت الاجتماعي والتنافر والصراع الثقافي. والحلقة الثالثة: عمق النزعة الفردية والانانية وضعف الحس الاجتماعي القومي وهذا يزيد من الصراع بين المصالح الشخصية ومصالح المجتمع. الحلقة الرابعة: شيوع ظاهرة التوتر والقلق وضعف الولاء الوظيفي والانتماء القومي فتنخفض الروح المعنوية لدى الافراد. الحلقة الخامسة:  الخلل الاداري في ضعف أو انعدام المحاسبية و المساءلة عن الاخطاء والتجاوزات. الحلقة السادسة: سيادة العمل الروتيني الشكل على حساب الجهد الابداعي والابتكار. الحلقة السابعة: السلوك الانطوائي والتحوصل الوظيفي  والمؤسسي. ( رفاعي, 2011). عندما يبدا الخلل في جزء من الثقافة يبدأ يتسرب هذا الخلل إلى جوانب الثقافة الاخرى فتتأثر السلوكيات والممارسات بين أفراد المجتمع. وقد يودي شيوع الفساد وانتشاره إلى قتل حضارة وثقافة الامة.
 وسنلخص أنواع الفساد الثقافي:
الفساد التعليمي:
لا يخفى على أحد أن كل موظفي القطاعات العامة والخاصة هم نتاج النظام التعليمي. أي يمكن القول أن الفساد الذي يتكون الان في المجتمع والثقافة هو نتاج النظام التعليمي وأحد مخرجاته, وعلية لا يمكن إعفاءه من المسؤولية. فمؤسسات القطاع العام التربوي تعاني من الانفاق غي الرشيد للموظفين غير الاكفاء. ففي الجامعة كمؤسسة تعليمية نجد أن الآلاف من الموظفين الاداريين. والسؤال هو كيف تم تعينهم هل هو بناء على خبراتهم وكفاءتهم أم أن وجودهم ه نتاج الفساد التعليمي. وكذلك المدارس والمعلمين هل معلمو المدارس قادرين على حمل المسؤولية التربوية. ولا يخلو القطاع الخاص من الفساد في السلوكيات والتجاوزات في الادارة وبين الطلاب وبين المعلمين. أن معظم القيم التي تحكم سلوكنا تأتي في مرحلة حياتنا الاولى من خبرات الاسرة ثم المدرسة ومن ثم الجامعة. فان كانت هي تمارس الفساد ومصدره له  فستنتج افراد اعتادوا عدم الاخلاص والفساد فبالتالي يسهل عليهم ممارسته مستقبلاً (خالد,2012)
الفساد المالي:
يتمثل الفساد المالي أو الاقتصادي بمجمل الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والاحكام التي تنظم العمل الاداري الاقتصادي في الدولة ومؤسساتها ومخالفة تعاليمها والتعاليم الخاصة بأجهزة الرقابة المالية. ويمكن ملاحظة الفساد في: الرشاوي والاختلاسات وفي التهرب من الضرائب  وتخصيص الاراضي (رفلعي,2011). وفي التشريع الجنائي الاسلامي فالفساد يتمثل بالربا والاسراف في غير حق ولعب القمار والميسر وكسب المال بالسلطة والجاه (هلال,2006).
الفساد السياسي:
وهو مجمل الانحرافات المخالفات للقواعد والاحكام في النسق السياسي في الدولة ويتمثل في: فقدان الديمقراطية وفقدان المشاركة وفساد الحكام وسيطرة نظام حكم الدولة على الاقتصاد وتفشي المحسوبية (رفاعي,2011). أي أنها الاساءة في استخدام السلطة العامة (الحكومة) لأحداث  وأمور غير مشروعه فالسفاد يؤثر في القدرة المؤسساتية للحكومة لأنه يؤدي إلى اهمال إجراءاتها واستنزاف مصادرها وفقد القيم  الديمقراطية والثقة والامانة والتسامح وقبول الاخر (محمد, 2009).
الفساد الاخلاقي:
وهو تحريف وتخليل وتزييف سلامة الفضائل والمبادئ الاخلاقية بصفة عامة والسلوكيات والممارسات (حسن,1993). وهو يمثل الانحرافات الاخلاقية والسلوكية المتعلقة بسلوك الشخص وتصرفات, كالقيام بتصرفات تخالف الاخلاق في اماكن العمل وأن يجمع بين الوظيفة واعمال اخرى خارجية دون اذن أدارته او أن يستغل السلطة لتحقيق مآرب شخصية غلى حساب المصلحة العامة أو ممارسة المحسوبية بشكل اجتماعي الذي يسمى (المحاباة الشخصية) مع تجرده من الكفاءة والجدارة والاخلاص (رفاعي, 2011).
الفساد البيئي:
ونشير هنا الى ما ذكر في القران الكريم. قال تعالي(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس) (سورة الروم, آية 41). وأهم مظاهر الفساد هو تلوث المياه بالزيت أو المخلفات الصلبة بالإضافة الي تلوث الهواء بتسرب الغازات من المصانع والمتفجرات النووية وكذلك قطع الاشجار الغابات وصيد الطيور والحيوانات مما يؤثلا على تكامل عناصر البيئة (هلال, 2006)
الفساد الإداري:
ويقصد بها الانحرافات والسلوكيات الادارية الوظيفية والمخالفات التي تصدر عن الموظف العام اثناء تأديته لمهام عملة في المنظومات. وذلك مخالفة للقواعد والقوانين والتشريعات والقيم التي لا ترقى للإصلاح والتطوير بل تدعوا الى التأخر وفقدان الثقة والامانة. وتمثل عدم احترام المواعيد والاوقات والتراخي في العمل وافشاء اسرار العمل التجاوزات على حساب الغير (رفاعي,2011)
الفساد المجتمعي:
أن العامل الاجتماعي الذي ينظم العلاقان داخل المجتمع وهويته وهو تكون الثقافة. فالسفاد عندما يصيب المجتمع فانة يصيب الانسان والافراد بالقيم والاخلاق السلوكيات فتصبح القيم غير فاعلة فبالتالي يسهم في خلق قيم معاكسة ومغايرة فبالتالي ينتج عنها تصرفات سلبية (محمد, 2009).
يحتاج كل مجتمع إلى مبادرات واليات للحد من أنتشار ممارسة الفساد وتفشيه داخل المجتمع وقمع كل أسبابه بجميع أشكاله الفساد الثقافي المتمثل في جوانب وكيان المجتمع. فنذكر اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد فهي تسعى الى منع الفساد وكبحة ونشر قيم الامانة والاحترام وسيادة القانون وتعزيز التنمية (الامم المتحدة,2004). والمملكة تسعى لمكافحة لفساد بأنواعه حيث عقد مؤخراً في الرياض المؤتمر الدولي "مكافحة الفساد.. مسؤولية مجتمعية" الذي تبنته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" في تاريخ 15 مارس 2015 وقد خرجت منه بمجموعه من المبادرات والتوصيات للحد من الفساد والسعي نحو رقي وتنمية المجتمع والمحافظة علي موروثة الثقافي والحضاري.

المراجع والمصادر:
·         القران الكريم, سورة الروم
·         حسن, حمدي (1993). ظاهرة الفساد السياسي في افريقيا جنوب الصحراء (دراسة تحليله). مجلة مصر المعاصرة, ع432, مصر.
·         خالد, تركي (2012). اضاءة عن الفساد التعليمي, ميز حر للثقافة والفكر والادب, مصر.
·         الرفاعي, ممدوح(2011). آثار وسبل مواجهه الازمات المجتمعية الناتجة من أحداث الربيع العربي, دار الضيافة, القاهرة.
·         محمد, ساجد (2009). الفساد اسبابه ونتائجه وسبل مكافحته, مجلة حولية, ع2, العراق.
·         الامم المتحدة (2004). اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد, الامم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة, نيويورك.
·         هلال, ناجي(2006). عرض كتاب مكافحة الفساد الجز الاول, مجلة الفكر الشرقي, المجلد14, ع56, الشارقة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق