الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

      حقوق المرأة في التشريع الإسلامي والقانون الدولي           الهنوف المطيري

       يعد الاهتمام بالمرأة اهتماما بالمجتمع والمحافظة عليها وحمايتها حماية لقيم المجتمع وأخلاقه, ولهذا فقد احترم الإسلام المرأة وعمل على صيانتها, وحفظ كرامتها, وباعتبارها أساسا لتكوين المجتمع أعطاها من الحقوق ما لم تمنحه كل القوانين الوضعية, فقد أقر التشريع الإسلامي مبدأ المساواة بين الناس جميعا مساويا بشكل فعلي وعملي بين كل البشر, ذكورا وإناثا, فجاء هذا المبدأ لبث روح العدل, والإنصاف, والمساواة بين أبناء البشر جميعا, حيث أنهى أشكال القهر, والظلم, والتنكيل, والاضطهاد, الذي تعرضت له المرأة عبر التاريخ ليس من السلطة فحسب, بل من شريك حياتها الرجل أيضا, فكانت جميع المجتمعات تنظر للمرأة نظرة دونية لم يعطها أي نوع من الاهتمام, وبالأخص الغربية منها كانت وإلى وقت قريب لم تهتم بها, ولم تمنحها الحقوق التي تليق بها بوصفها أم, ومربية لعائلة, فحرمت من العديد من الحقوق السياسية, والاجتماعية, والثقافية, ونتيجة لتطور المفاهيم الإنسانية, واختلاط الثقافات والاهتمام بالمبادئ التي جاء بها التشريع الإسلامي بهذا الخصوص, وظهور الأفكار التقدمية بدأ المجتمع الدولي ينظر للمرأة بشيء من الاحترام, ولهذا الغرض تم بحث شؤونها في العديد من المؤتمرات التي تمخضت عن عقد الاتفاقات الدولية لإعطاء المرأة مكانتها الاجتماعية بوصفها إنسان, وأخذت شؤون المرأة حيزا واسعا منها بل اختص قسم من هذه الاتفاقيات بشؤون المرأة للنهوض بها, ووضع قواعد لأنصافها وإعطائها كرامتها, وعلى الرغم من كل هذه الاتفاقات والتشريعات فإن المرأة لا تزال تعاني من الاضطهاد, والتسلط, والقهر في الدول جميعا, وفي الدول المتقدمة التي مارست وتمارس عمليات القهر ضد المرأة, وتشجع المليشيات وتمولها لاضطهادها, وسلبها حريتها لأنها تمثل قيم المجتمع وعنوانه(احمد,2011)
حقوق المرأة في الإسلام:
     لقد رفع الإسلام من مكانة المرأة, وأعلى شأنها بصورة ملموسة, وذلك من خلال الحقوق التي أعطاها إياها من الكثرة والسمو بمكان, ولم ترد هذه الحقوق في معظم الشرائع الوضعية إلا بصورة محدودة, ومن أهم وأبرز الحقوق التي كفلها الإسلام للمرأة ما يلي:
1-     حق التربية والإحسان إليها. 
     إن إحسان التربية للمرأة يظهر في قول رسول الله صلى الله علية وسلم "من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن أتقى الله فيهم فله الجنة" 
2-    حق المرأة في اختيار زوجها. 
     لا يجوز لولي أمر المرأة أن يزوجها من دون استئذانها, فليس من حق الأب أن يجبر ابنته البالغة العاقلة على الزواج بمن لا تريد . 
3-    حق المرأة في حضانة أولادها.  
    هذا الحق مقرر للمرأة في حال انفصال عرى الزوجية بالطلاق, أو الوفاة, وهذا أمر أجمع عليه العلماء لقول الرسول صلة الله عليه وسلم للمرأة التي طلبت حضانة ابنها"أنت أحق بهم الم تنكحي".
4-    حق المرأة في الميراث
كانت المرأة في الجاهلية لا ترث, حيث كان الميراث للرجال فقط فجاء الإسلام فقرر لها الحق في الميراث بقوله تعالى(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)
5-     حق المرأة في العمل
     يقر الإسلام حق المرأة في العمل وفق ضوابط معينه منها:أن يكون العمل بإذن زوجها,أن لا تخرج متعطرة أو بملابس غير شرعية,أن لا تكون طبيعة عملها تقضي إلى الاختلاط,أن لا يؤدي عملها ضياع حق أ إخلال بواجب,أن يكون العمل مشروعا. 
6-     حق المرأة في ابدأ الرأي
    للمرأة الحق في ابدأ رأيها في المسائل العامة والخاصة بلا حرج اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم .
7-     حق المرأة في طلب العلم 
    الإسلام يدعو إلى العلم والرسول علية الصلاة والسلم يقول "طلب العلم فريضة على كل مسلم"ومن القواعد المستقرة أن الأحكام التي يخاطب بها المسلمون تكون شاملة للرجال والنساء إلا إذا قام دليل يدل على استثناء النساء من الحكم العام.
8-     حق المرأة في التملك
    للمرأة الحق في التملك وأن يكون لها ذمتها المالية المستقلة عن زوجها وأبيها وغيرهما, فهي في هذا المجال كالرجال سواء بسواء,ولا يجوز لأحد أن يستولي على مالها إلا بإذنها.(عرجاوي,2000).
حقوق المرأة في التشريعات الدولية:
     تعتبر المواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة,  مواثيق مكملة للشرعية الدولية لحقوق الإنسان, فتعد مواثيق دولية نوعية تخص طوائف معينة من البشر, تناولتها تلك الوثائق التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة, ووضعت بجهود الأمم المتحدة, ومنظماتها المتخصصة والتي تكفل لهم العيش الكريم داعية إلى توفير أفضل الظروف, ولقد تم تبنيها والتوقيع والتصديق عليها, كونها مصدرا قانونيا ملزما في مجالات حقوق الإنسان المحددة فيها (الحمايدة,2015).
     لقد كان من الضروري في مرحل مختلفة من تطور المجتمع البشري إعادة التفكير والبحث في الأسس التي يجب أن تقوم عليها العلاقات بين شعوب العالم المختلفة, ووضع ميثاق ينظم هذه العلاقات ويضمن لكل الشعوب حقوقا معينة ومحددة تجد الاحترام من الجميع, باعتبار أن قبول هذه الحقوق والتسليم بها, واحترامها أفضل وسيلة للمحافظة على المجتمع الإنساني وضمان بقائه واستمراره (شمسان,2001).
     وفي خضم هذه العملية المعقدة والمتشابكة والمتداخلة أصبحت حقوق الإنسان لا تتجزأ وتحكمها معايير دولية راسخة يكفلها القانون الدولي المكون من مجموعة من المعاهدات واتفاقيات, وإعلانات تلزم كل الأطراف الموقعة احترامها, والتي اتخذت منظمة الأمم المتحدة على عاتقها مهمة رعاية هذه الحقوق المتمثلة في جملة من الوثائق, والصكوك ما أتفق على تسميته ب(الشرعية الدولية) والتي تتكون من:
-         الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المقر 10 ديسمبر 1948م
-         العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المقرة في 16 ديسمبر 1966م.
-         العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المقر 16 ديسمبر 1966م.
-    البرتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إلى جانب الوثائق والإعلانات والاتفاقيات المتعلقة بمنع التمييز والتي تتكون من:
-         اتفاقية المساواة في الأجور 29 يونيو1951
-         اتفاقية حول الحقوق السياسية للمرأة 20 ديسمبر 1952
-         اتفاقية التمييز(في مجال الاستخدام والمهنة)25 يونيو 1958
-         إعلان حقوق الطفل 20 نوفمبر1959
-         الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم 1 ديسمبر1960
-         إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 20 نوفمبر 1963
-         الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 21 ديسمبر 1965
-         إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة 7 نوفمبر 1967
-         الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها 30 نوفمبر 1973
-         إعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة 14 ديسمبر 1978
-    إعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب 28 نوفمبر 1978
-         اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 18 ديسمبر 1979
-         إعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين والمعتقد 25 نوفمبر 1981
-         إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة 20 ديسمبر 1993 وغيرها
     إن صدور هذه الوثائق, والاتفاقيات, والإعلان والمصادقة عليها من قبل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة تلزم هذه الدول بضرورة احترام حقوق الإنسان عامة, وحقوق المرأة بشكل خاص, وتعزيز حقوق مواطنيها الأفراد, وإلا فإنها تصبح مسئولة أما م المجتمع الدولي, وعرضة للتنديد بتخلي أي دولة عن هذه العهود وعدم الالتزام بها.
      وهذا بدوره يدل على إن قبول مبدأ عالمية جميع حقوق الإنسان التي ارتضاها المجتمع الدولي ينفي أي مبرر لحرمان المرأة على نحو منظم من حقوقها المدنية, والثقافية والسياسية, والاقتصادية, والاجتماعية بإسم القيم الثقافية (شمسان,2001).
الأجهزة والآليات المعنية بحماية المرأة في إطار الأمم المتحدة:
    واقع الأمر أنه إلى جانب ما تضطلع به الأجهزة العضوية الرئيسية والفرعية للأمم المتحدة لكل ما تشمل عليه من آليات المراقبة, والمتابعة من الاهتمام بحقوق المرأة ضمن اهتمامها وتناولها لمسائل حقوق الإنسان عموما.
      فقد بلغ الاهتمام الدولي بوضع المرأة عل  المستوى الهيكلي, أو المؤسسي مدى واسعا, حين أنشأت الأمم المتحدة أجهزة متخصصة للنهوض بالمرأة, وضمان تمتعها وحقوقها كانسان, كما هو الشأن بالنسبة للجنة مركز المرأة التي أنشأها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في عام 1946, كجهاز فرعي معاون للمجلس, ومستقل عن لجنة حقوق الإنسان, وتختص بالعمل على النهوض بحقوق المرأة في كافة المجالات والميادين المدنية والسياسية, والاجتماعية, والاقتصادية, وتتكون اللجنة من ممثلي 45 دولة من الدول الأعضاء يتم اختيارهم على أساس التوزيع الجغرافي العادل.
        ثم بلغت هذه الحماية المؤسسية ذروتها حين أنشأت لجنة مناهضة التمييز ضد المرأة أعمالها للمادة(17) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة, والتي أقرتها الجمعية العامة في 1979 ودخلت حيز التنفيذ في سبتمبر 1981 ,وتختص اللجنة بمتابعة تطبيق الدول الأطراف لمقتضى أحكامها وبنودها  (الزوبعي,2015).
     وعلى الرغم من الوعي القانوي والسياسي والاجتماعي للمجتمع الدولي,وعقد العديد من الاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق المرأة فإن هذه الاتفاقيات لا تزال بدون إلزام تلزم الدول بمنح المرأة حقوقها كافة, وتشير التقارير الدولية الصادرة من المنظمات الدولية, عن مدى ما تتعرض له المرأة من قتل وتعذيب واغتصاب بسبب الحروب الدولية, والأهلية المنتشرة في العالم, وهذا ما يدل على أن التطور الذي يشهده العالم قد حجب عن تطور المرأة فلا يزال الجهل, والتخلف, والأمية تعم أرجاء العالم (أحمد,2011).

المراجع:
-    أحمد,حسن(2011).حقوق المرأة في القانون الدولي العام,مجلة كلية التربية الأساسية,جامعة المستنصرية,العراق,العدد(70),ص(394-416).
-    الحمايدة, نايف(2015),حقوق المرأة في إطار القانون الدولي المعاصر والاتفاقيات الإقليمية,مجلة الفقه والقانون,العدد(32),ص(6-29).
-    الزوبعي,عمر(2015),حقوق المرأة في القواعد الدولية والتطبيقات العملية في القانون الداخلي بين التطبيق والمعوقات,أعمال المؤتمر الدولي السابع –المرأة والسلم الأهلي ,مركز جيل البحث العلمي,لبنان,ص(125-135)
-    شمسان,عبد الوهاب(2001).حقوق المرأة في التشريعات الوطنية والدولية,مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية,اليمن,مجلد(4),العدد(7),ص(232-234).

-    عرجاوي,مصطفى(2000),حقوق المرأة في الإسلام,مجلة الوعي الإسلامي,وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية,الكويت,العدد(414),ص(80-81).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق