إعداد: بلسم المغذوي
تعد قضية حقوق الإنسان واحدة من أبرز قضايا التربية الدولية, وتمثل
نداءً تكرراً للمنظمات والهيئات الدولية والمحلية في اتجاه تأصيل ثقافتها,
وتعزيز قيمها بين أفراد المجتمع.
ومن الناحية التربوية, تتسق ثقافة حقوق الإنسان مع المرتكزات الأساسية
المستمدة من الاسلام التي تقوم عليها التربية وتعبر حقوق الانسان عن جملة من
الحقوق في كل مجالات الحياة، مثل الحق في الغذاء والصحة والعمل والمناشط
الاجتماعية والسياسية وحرية التفكير والمعتقد والرأي والحق في التعليم .
وعلى الرغم من إقرار كثير من الدول بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان
إلا أن الانسان حول العالم لايزال يناضل من أجل حقوقه وحرياته الاساسية
ويلقي الكثير المسئولية في ذلك على عاتق المفكرين, والمربين,
والمؤسسات التربوية والتعليمية، إذ أنها تفوق مسؤولية الحكام وأنظمة الحكم, ولكن
الجميع في النهاية مشترك وبدرجات متفاوتة في ضياع حقوق الانسان العربي وحرمانه إن لم يكن
في صنعها فعلى الأقل في تبريرها أو السكوت عنها, ولاشك بأن الأسرة تعد المؤسسة
التربوية الأولى المسؤولة عن التربية على حقوق الانسان, ففيها ينشأ الطفل ويترعرع
ويتشرب ثقافته وقيمه الأولى (البلعاوي,2001).
وإذا كانت التربية الصحيحة لحقوق الإنسان تمتاز بأنها تربية شاملة,
فإنه يجدر بها أن لاتقف عند مستوى التعليم المبرمج داخل الفصل الدراسي, وإنما
يتطلب الأمر التأسيس للمستوى التربوي منذ مراحل التربية الأولى داخل الأسرة
والعائلة.
ولابد من تعزيز التربية على حقوق الإنسان ليس فقط في المدارس ولكن
أيضاً وراء جدران الفصل سواءً أكان ذلك في الفضاء المدرسي, أو الفضاء العام,
فالمدرسة ليست وحدها معنية بهذا الشأن, وإنما هناك أيضاً ما يسمى بالمدرسة الموازية
أي وسائل الإعلام والاتصال الحديثة التي تلعب دوراً هاماً فيما بعد (الانتصار,2000).
ويأتي بعد الاسرة دور المؤسسات التعليمية, وهي جزء من النظام
الاجتماعي الأكبر, ولذلك فهي تعكس بصورة أو بأخرى أنماط العلاقات الاجتماعية داخل
المجتمع, ومن هنا يتضح أن التعليم في بنيته وفي توجهه هو تعليم طبقي وقائم على
الطبقية, وذلك في ظل وجود مدارس متميزة, ومدارس خاصة استثمارية, ومدارس للفقراء,
ومدارس للريف, ومدارس للحضر, ومدارس للغات الأجنبية, ومدارس أجنبية.
ولذلك فإن الفرصة التعليمية فرصة غير متكافئة, وارتبطت بالمقدرة
الاقتصادية في السنوات الأخرى, حيث يصبح من يملك المال يستطيع أن يحصل على خدمة
تعليمية في ضوء ما يقدم بشكل أفضل وأيسر من غيره غير القادر على دفع هذه التكلفة.
ويلعب المنهج الخفي داخل أسوار المدرسة, وما تقدمه القيادة أو الإدارة
أو المعلمين خارج المناهج الرسمية واللوائح والقوانين دوراً كبيراً إما في تعزيز
حقوق الإنسان أو تهميشها, إلا أن الغالب على المشهد الواقعي اليوم هو أن المدرسة
تنحصر مهمتها في إكساب الطلاب مجموعة من المعارف, والعلوم التي تحدد مستواهم
بالمراحل المختلفة, وتغفل تعزيز قيم حقوق الإنسان, حيث تمثل قضية مسكوت عنها, أو مهمشة,
أو ليست ذات الأولوية مقارنة بالحصول على الشهادات والدرجات المرتفعة
(بدران,2011).
وتستنتج الكاتبة من وجهة نظرها, أن ترديد شعارات حقوق الإنسان نظرياً
وبصيغ تقليدية لن يكون لها جدوى في تقدم المجتمع أو تحقيق التنمية مالم يبدأ ذلك
عملياً في الأسرة وتتضافر معها جميع مؤسسات وانظمة المجتمع كتنمية شاملة, وذلك
مروراً بالمدرسة والجامعة ووسائل العلام وغيرها.
المراجع:
الانتصار, عبد المجيد (2000). التربية على حقوق
الإنسان. مجلة فكر ونقد: المغرب, ‘(30), ص ص 63-74
بدران, شبل ( 2011). المواطنة وحقوق الإنسان. مجلة
رابطة التربية الحديثة. مج(4), ع(11), ص ص 13-31
البلعاوي, سيف الدين محمد (2001). التربية على
حقوق الأنسان واقع وآفاق. مجلة جامعة الأقصى سلسلة العلوم الإنسانية, جامعة
الأقصى بغزة: فلسطين, مج(5), ع(1), ص ص 144-194
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق