تكافؤ الفرص التعليمية
كأحد
المبادئ الاساسية في التربية الدولية
مما
لا شك فيه أننا نعيش عصر التغيرات السريعة المتلاحقة. والتعليم أصبح مفتاح ورافعة
أساسية للتقدم, والمدخل الحقيقي لأي تطوير, ولأي استراتيجية للتغير في أي مجتمع,
فلا يمكن أن تتم مثل هذه الإستراتيجية دونما اعتبار التعليم أحد آلياتها الأساسية.
والمسائل
الملحة التي تحتاج لحل جذري اليوم تكمن في معرفة الخطوات والإجراءات الواجب اتخاذها
في ميدان التربية لإقامة علاقات من نوع جديد بين الأصل الاجتماعي والتربية والحياة,
للتوصل لإتاحة الفرصة لكل فرد مهما كان أصلة الاجتماعي وانتماؤه الطبقي للاستفادة
بشكل متكافئ من التربية. (البوهي,2014)
اتفاقية
اليونسكو بشأن مكافحة التمييز في مجال التعليم:
تعد
اتفاقية اليونسكو بشأن مكافحة التمييز في مجال التعليم صكاً رئيسياً يتناول
المبادئ الأساسية لعدم التمييز وتكافؤ الفرص في التعليم. ولا تسعى الاتفاقية التي
اعتمدت عام 1960 ودخلت حيز النفاذ منذ عام 1962 إلى القضاء على التمييز في التعليم
فحسب, وإنما أيضاً إلى اعتماد تدابير إيجابية لتعزيز تكافؤ الفرص والمساواة في
المعاملة وتبين المادة 4 من الاتفاقية على وجه التحديد التزامات الدول الأطراف في
الاتفاقية "بأن تضع وتطور وتطبق سياسة وطنية تستهدف, عن طريق أساليب ملائمة
للظروف والعرف السائد في البلاد, دعم تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في أمور
التعليم" (الأمم المتحدة, 2011)
تكافؤ الفرص التعليمية:
تنبع
أهمية التكافؤ في الفرص التعليمية من ارتباطه بالتكافؤ في فرص الحياة ذاتها. وسائر
متطلبات العدالة الاجتماعية. ولا ينبغي أبدا إغفال هذه الحقيقة الأساسية أو
استبعادها أو تجاهلها ويمكننا إدراك التلازم بين هذين المفهومين بمتابعتنا تغير
نمط الإنتاج وتطور الحياة الاجتماعية ونمط التعلم عبر التاريخ ولا سيما منذ قيام
الثورة الصناعية. إذ برزت مسألة الحراك المهني. وما يرتبط بها من حراك اجتماعي
جغرافي سعيا نحو العمل والاشتغال بالمهن المستحدثة في المجتمع. إذن فمفهوم التكافؤ
في الفرص التعليمية يرتبط بشدة بمفهوم التكافؤ في الفرص المهنية أ التوظيف ومن ثم
فرص الحياة وكل منهما ينعكس مضمونة على الآخر. (البوهي,2014)
يقصد
بمبدأ تكافؤ الفرص توفير الشروط المتساوية والموحدة بين كافة مواطني البلد الواحد
فيما تتيحه الدولة من فرص. ويقصد به في التعليم إتاحة الفرصة المتساوية أمام جميع
الأطفال للالتحاق بالمدرسة قصد اكتساب المعارف و المهارات لتحمل المسؤوليات في
مجتمعهم ووطنهم. و يسعى مبدأ تكافؤ الفرص في ميدان التربية و التعليم إلى تعميم
التعليم و الزاميته و مجانيته و تبني التقويم الموضوعي و العدل في المعاملة، و
إعطاء فرص متساوية لكافة أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن أصولهم الاجتماعية و
الاقتصادية. (أحمد, 2012)
ويعد
هذا المبدأ أحد البوابات الرئيسة لتحقيق العدالة الاجتماعية، فتكافؤ الفرص
"ليس شعارًا يُرفع، أو ادعاءً يُدَّعى، وإنما هو عبارة عن إرادة سياسية واستراتيجية
وطنية، تتجه بصدق نحو إزالة كلّ المعوقات والعوامل التي تميّز بين المواطنين، وقد
درج مصطلح تكافؤ الفرص على ارتباطه في الذهن- غالبا- بالفرص التعليمية والوظيفية -
بالدرجة الأولى- رغم ارتباطه بجميع مناحي الحياة المختلفة التي يعيش فيها الفرد،
وتعتبر من حقوقه مقابل واجباته تجاه نفسه والآخرين ثم وطنه، فهو معيار تقدم أي
مجتمع في جميع مجالات الحياة. (أحمد, 2012).
وقد
ورد ذكر مبدأ تكافؤ الفرص في دستور 1971، حيث تنص المادة 13 من دستور عام 1971 أن
العمل حق وواجب وشرف تضمنه الدولة ويجب أن تعمل الدولة والمجتمع على تقدير
الموظفين المتميزين. كما تنص هذه المادة على عدم إرغام المواطنين على العمل إلا
بموجب قانون يعلن أن العمل مطلوب لتقديم خدمة وبشرط أن يتم هذا العمل مقابل تعويض
عادل. وهذا الحكم يعطي جميع المواطنين حقا دستوريا في العمل دون التفرقة بين الرجل
والمرأة.
" تضمن
الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين"
المواطنون
متساوون أمام القانون ، ولهم حقوق وواجبات متساوية دون تفرقة بسبب الجنس ، الأصل ،
اللغة ، الدين أو المعتقد (أحمد, 2012)
معايير تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية:
يحدد
هنري, م. ليفين. من خلال دراسة أجراها لحوالي عشرين بلداً غرب أوربا لتحليل قضية
تكافؤ الفرص التعليمية. أن وجود المساواة التعليمية يتحقق طبقاً لأربعة معايير هي:
(بدران,1999)
1-
المساواة في الإلتحاق بالتعليم: يستند هذا
المعيار كما يري كولمان إلي إمداد تعليم مجاني في مستوى معلوم يكون نقطة الدخول
الأساسية لقوة العمل. إعطاء منهج عام كل الأطفال بصرف النظر عن الخلفية الاقتصادية
لهم.
2-
المساواة في المشاركة التعليمية: تعد المساواة في
المشاركة التعليمية لجماعات من أصول اجتماعية متباينة واحد من معايير المساواة في
الفرص التعليمية, ويمكن رؤيتها على أنها الاحتمال المتساوي لأشخاص ينتمون لأصول
اجتماعية مختلفة يحققون نفس القدر من المشاركة التعليمية بالمعنيين الكيفي والكمي.
ويؤكد هنري ليفين أن هناك نوعين من الحدود الفاصلة يكون من شأنها تقليل نسبة
المشاركة التعليمية للأفراد الذين ينتمون إلى لطبقات اجتماعية متباينة وهذه الحدود
هي: حدد فاصلة خارجية عن المدرسة ترتبط بالأسرة, و حدود فاصلة ترتبط بالبناء
المدرسي. وتتضمن الحدود الأولى عوامل توقعات الأسرة والدخل المحدود. حيث أن أسر
الطبقة الدنيا يكون لها توقعات أدنى لأطفالها فيما يتعلق بالتعليم. أن الدخل
المحدود يقيد الإمداد بالأموال لتكاليف التعليم.
3-
المساواة في النتائج التعليمية: وهو يعني أن
الاعضاء الذين يمثلون الطبقات الاجتماعية المتباينة يحصلون على نتائج تعليمية متشابه
طوال مسارهم التعليمي. ويفترض هذا المستوى أن تحقيق المساواة في الفرص التعليمية
لا يتم من خلال قدر من التعليم الذي يحصل علية الفرد وإنما تظهر في إمداده
بالمهارات والسلوكيات والاتجاهات التي تسهم في إيجاد شباب منتج. والواقع أن
المساواة في النتائج ارتبطت بموضوع النجاح التعليمي. والعوامل المؤثرة فيه مثل اهتمام
الوالدين بالتعليم. التاريخي التعليمي للأسرة والطموح المهني للأطفال ودرجة الأمن
في الأسرة ونوعية المدارس وجودتها.
4-
المساواة في التأثيرات التعليمية على فرص الحياة:
على الرغم مما خلصت إلية بعض الدراسات من أن التأثيرات التعليمية كان لها علاقة
طفيفة بتوزيع الدخل. إلا أن الدراسات المقارنة لتوزيع الدخل في أوروبا الغربية
كانت دليلا على ظهور عدم المساواة أو الاستقرار النسبي لتوزيع الدخل مع عدم وجود
اتجاه نحو مساواة أكثر. فلقد وجد العالم (جنكز) وعدد من الباحثين أن هذا لم يتحقق,
حيث ظل أبناء الطبقة العليا هم الأفضل ويستأثرون بالمهن.
عوامل عدم تحقق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية:
§ العوامل
الاقتصادية الاجتماعية: أن مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي لكل دولة يلعب دوراً حاسماً في
موضوع تكافؤ الفرص التعليمية. فهو يؤثر على الاستثمارات المتاحة للتعليم وبالتالي
على امتداد العمل المدرسي ومعدلات الالتحاق بالمدارس. (البوهي, 2014)
§ العوامل
الثقافية: أن المستوى الثقافي للأسرة وللبيئة المحيطة يلعب دوراً مهما في هذا
المجال فالتحاق الطفل للمدرسة وإكماله لها يعتمد على الثقافة السائدة والمحيطة به
سواء داخل الاسرة أ في محيط عائلته. (البوهي, 2014)
§ العوامل
الجغرافية: فقد ثبت أن محل الاقامة له أثر على التحاق الطفل بالمدرسة, ونجاحة فيها
ويدخل ضمن العامل الجغرافية والهجرات الثقافية من الريف إلى المدن. والظروف
المناخية التي تشكل عائقاً خطيراً في وجه تطوير النظام التعليمي كما أن استقرار
السكان في القرى البعيدة عن المدارس قد يسبب إخفاقهم في الدراسة. (البوهي, 2014)
المراجع والمصادر:
§
أحمد,
أحمد إبراهيم (2012). التربية الدولية, دار الفكر العربي, القاهرة
§
بدران, شبل (1999). الإزدواج الثقافي في نظامنا التعليمي. مجلة
التربية المعاصرة, ع53, القاهرة.
§
البوهي, فاروق شوقي (2014). التربية الدولية, دار
المعرفة الجامعية, القاهرة.
§
الأمم المتحدة (2011). تعزيز وحماية جميع الحقوق الانسانية
والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق في التنمية, مجلس
حقوق الانسان’ الدورة السابعة عشر.
جيد
ردحذف