الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

التنمية المستدامة والتعلم مدى الحياة إعداد: نوف الفوزان



                           التنمية المستدامة والتعلم مدى الحياة            

إعداد :نوف الفوزان

التنمية المستدامة لها مفاهيم متعددة إلا أنها يمكن تلخيصها في العملية التي ينتج عنها زيادة فرص حياة الأفراد دون نقصان من فرص حياة الآخرين، أوهي تمكين إنسان اليوم من حياة أفضل، وتحقيق المزيد من الرفاهية والعدل الاجتماعي والأمان له، مع الحفاظ لإنسان الغد على حقه في الرفاهية والعدل الاجتماعي والأمان.
وإذا كانت التنمية المستدامة تستهدف تمكين الإنسان فإن التعليم يستهدف تحقيق إنسانية الإنسان وتمكينه أيضا من خلال تعليم العلوم بمعناها الواسع لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يمكن لتعليم العلوم مساعدة الناس، شباباً وكباراً، على تطوير معارفهم العلمية واتجاهاتهم وقيمهم ومهاراتهم وتفكيرهم النقدي؛ الأمر الذي يشكل الوسيلة التي لا غنى عنها للعيش في مجتمعات تشهد تطوراً سريعاً.
ويرمي التعليم العلمي من أجل التنمية المستدامة إلى توسيع نطاق فهم الطلاب للقضايا العالمية المرتبطة بالبيئة مثل: تغير المناخ، والمياه، والطاقة، والصحة، والموارد المحدودة، إضافة إلى مساعدتهم على إيجاد الوسائل لمواجهة كل هذه التحديات.
البداية كانت في مؤتمر قمة الأرض الذي عُقد في البرازيل (ريو داجينيرو) عام 1992، تم تكليف اليونسكو باستخدام العلوم والتعليم وتنمية الوعي العام والتدريب لأغراض تنمية مستدامة، ثم دعت اليونسكو – من خلال المدير العام السيد فريدريكو مايور – إلى الدعوة لعقد لجنة دولية للاجتماع والتأمل في التربية والتعليم للقرن الحادي والعشرين، وبناء عليه، طلب فيديريكو من جاك ديلور أن يترأس هذه اللجنة، وقد عمدت اللجنة إلى إجراء مشاورات على أوسع نطاق، واجتمعت اللجنة في جلسات عامة ثماني مرات وفي مجموعات عمل ثماني مرات كذلك، وذلك لبحث الموضوعات الكبرى التي وقع عليها الاختيار وكذلك الاهتمامات والمشكلات التي تخص منطقة بعينها أو مجموعة معينة من البلدان. وشارك في مجموعات العمل هذه ممثلون لتشكيلة واسعة من الأنشطة والمهن والمنظمات ذات الصلة المباشرة أو غير المباشرة بالتعليم النظامي أو غير النظامي من معلمين وباحثين وطلبة ومسؤولين حكوميين وأعضاء من منظمات حكومية وغير حكومية وطنية ودولية.
ووضعت اللجنة تقريرها الذي تناول مفهوم التربية بأوسع معانيها، من التعليم قبل المدرسي، وحتى التعليم العالي مروراً بالتعليم المدرسي، وشمل التعليم النظامي والتعليم غير النظامي، وعرض لطائفة واسعة من الهيئات والمؤسسات المعنية بالتعليم.
ومن ناحية أخرى انصبت استنتاجات التقرير وتوصياته على المسؤولين العاملين على رسم سياسة التعليم والمسؤولين عن اتخاذ القرارات المبرمجة بشأنه، وبوجه أعم إلى جميع أولئك الذين تقع على عاتقهم مهمة وضع خطط التعليم وأنشطته وتنفيذها، وخرج التقرير باقتراحات وتوصيات كانت بمنزلة برنامج للتجديد والعمل لمتخذي القرارات والمسؤولين الرسميين على أعلى مستوى، حيث اقترح التقرير مناهج لسياسة التعليم وممارساته تجمع بين التجديد والواقعية مع مراعاة التنوع الشديد في الأوضاع والاحتياجات والموارد والتطلعات تبعا للبلدان والمناطق بما يحقق التنمية المستدامة، وصدر التقرير عام 1996 وكان أهم ما في التقرير أن الحياة في القرن الحادي والعشرين، تعتمد على أربعة مرتكزات هي: تعلم لتكن، تعلم لتعرف، تعلم لتعمل، وتعلم لتعش مع الآخرين.(رجب،2012) ،وهي مأخوذة من جاك ديلور الذي يُحدّد أركان " التعليم من أجل المستقبل " الأربعة بأنها : التعلم للمعرفة، والتعلم للعمل، و التعلّم للتعايش مع الآخرين ويعني: اكتشاف الآخرين وثقافاتهم، وتعزيز قدرة المجتمع المحلي، والاندماج الاجتماعي، وأخيراً :تعلم أن تكون وتعني : المساهمة في تطوير التعليم الشخص الكامل (جسديا وعقليا وروحيا ). (المالكي،2013)
ثم جاء "إعلان الألفية" و "الأهداف الإنمائية للألفية" اللذان اعتُمدا عام 2000، للتأكيد من جديد التزام المجتمع الدولي بالعمل لصالح "تنمية تكون حقا مستدامة واحترام الطبيعة قيمة أساسية.
وفي مؤتمر جوهانسبرج، عام 2002، أكدت اليونسكو رغبتها المضي قُدُما نحو ترجمة جدول أعمال القرن 21 وتحويله إلى واقع ملموس، واستهلّته بعقد عدة شراكات تعليمية منها على الخصوص البرنامج الطليعي المتعلق بتعليم سكان الأرياف، وغيره من المشروعات التعليمية الهادفة في النهاية لتحقيق التنمية التعليمية بما يتواكب مع التنمية المستدامة، كذلك تنفيذ عقد الأمم المتحدة (2005- 2014) للتعليم من أجل التنمية المستدامة. والعمل على بناء عالم تتاح فيه لكل شخص فرصة الانتفاع بالتعليم، واكتساب القيم، وأنماط السلوك وأساليب العيش، وكل ما يلزم من أجل بناء مستقبل قابل للاستمرار من أجل تحقيق عالم أفضل.
ومن خلال دراسة التقارير والمؤتمرات السابقة يمكن القول إن التعليم من أجل التنمية المستدامة يقصد به:
- تعليم يمكّن الدارسين من اكتساب ما يلزم من تقنيات ومهارات وقيم ومعارف لضمان تنمية مستدامة.
- تعليم يبشر للجميع الانتفاع بمختلف مستوياته أيا كان السياق الاجتماعي: البيئة العائلية والمدرسية، وبيئة مكان العمل، وبيئة الجماعة.
- تعليم يُعِدّ مواطنين يتحملون مسؤولياتهم، ويشجع على الديمقراطية من حيث يمكّن جميع الأفراد والجماعات من التمتع بكل حقوقهم إلى جانب قيامهم بجميع واجباتهم.
- تعليم يدخل في منظوره التعلم مدى الحياة.
- تعليم يضمن نمو كل شخص نمواً متوازناً.
- تعليم له عائد ومردود سواء كان للإنسان أو للمجتمع.
- تعليم لبناء شخصية إنسانية متكاملة من النواحي العقلية والروحية والاجتماعية والأخلاقية والجمالية.(رجب،2012)
تجارب عالمية في مجال إدخال مفهوم التعلم مدى الحياة
 التجربة الاسترالية :
الاهتمام بالمفهوم:
شهد عقد التسعينيات اضطرابا اقتصاديا وزيادة في معدلات البطالة في أستراليا، فازداد الاهتمام بمفهوم التعلم مدى الحياة بوصفه مفهوما يتضمن التدريب على إكساب المهارات، وإتاحة الفرص للعمل والمنافسة الاقتصادية، مما أدى بالمجلس الوزاري للتعليم والعمل والتدريب والشباب على مستوى القارة عام 1999 إلى إصدار وثيقة: Australia's Common and Agreed National Goals for Schooling in the Twenty-first Century، والتي صادق عليها وزراء التعليم في جميع الولايات والأقاليم الأسترالية. وتعد هذه الوثيقة خطوة كبيرة نحو تحقيق الأهداف التعليمية من منظور التعلم مدى الحياة.
تطبيقات المفهوم:
-         مشروع بيل BELL Project
          ”كن متعلما فعالا مدى الحياة“
-         مشروع جامعة جريفيث Griffith University
          ”استكشاف التعلم والممارسة التأملية“
-         مشروع جامعة ملبورن Melbourne University
          ”بناء شراكة للتعلم الأصيل“
-         مشروع جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا Queensland University of Technology
     ”التقويم التراكمي“
تجربة جمهورية التشيك :
الاهتمام بالمفهوم:
يعود الاهتمام بمفهوم التعلم مدى الحياة بوصفه مبدأ من مبادئ السياسة التعليمية في جمهورية التشيك، وبوصفه شرطا ضروريا للتنمية الاقتصادية، إلى ستينيات القرن العشرين، ومن بين المهام الأساسية لبرامج التعلم مدى الحياة: الاستثمار في الموارد البشرية، وزيادة تعلم أفراد الشعب، وتحويل المدارس والمؤسسات التعليمية إلى مؤسسات متعددة الأهداف والمهام، بحيث تكون مفتوحة أمام الجميع، ومتصلة بشبكة الإنترنت بصفة مستمرة.
تطبيقات المفهوم:
-         دراسة وتحليل الحاجات التعليمية للطلاب في ضوء سوق العمل.
-         تقديم مقررات متنوعة حول اقتصاديات التعليم لكل من طلابها، ولشاغلي الوظائف الإدارية المختلفة.
-         إتاحة فرص إتقان مهارات التوصل إلى المعرفة ذات الجودة وذات الصلة بمادة التخصص وبأساليب التدريس، ومهارات استخدامها، وتطويرها بشكل مستمر.
-         عملية مقصودة ومخطط لها من قبل المؤسسات والتنظيمات التربوية من أجل زيادة نمو المعلم مهنيًّا.
-         تستهدف تحسين أداء المعلم في كافة الجوانب المعرفية والمهارية والسلوكية.
-         تبدأ  منذ تخرج المعلم والتحاقه بالمهنة وتتواصل طوال خدمته فيها،  فهي بذلك طويلة المدى تقوم على فكرة     التعلم مدى الحياة، وليست موقوتة بمدة زمنية معينة.
-         تمد المعلم بكل ما هو جديد في مجال تخصصه، وتنمي مهاراته التدريسية، وتؤهله لمواجهة ما يستجد من تطورات تربوية، وبذلك فهي عملية مكملة للإعداد قبل الخدمة.
-         تنعكس على المنتج التعليمي المتمثل في الطلاب.(الغنيم،2011)
المراجع:
-         رجب، مصطفى(2012). التعليم من أجل التنمية المستدامة؟،مجلة بوابة الشرق الالكترونية، رابط الموقع : www.al-sharq.com/news/
تاريخ : السبت 16-06-2012
-         الغنيم، مرزوق يوسف (2011).التعلم مدى الحياة: أطر مرجعية لبرامج إعداد المعلم قبل الخدمة وأثناءها، المؤتمر السنوي لمركز البحوث التربوية حول: "القياس التربوي للتنمية المهنية المستدامة"، بيروت ،الجمهورية اللبنانية،26-27 مارس 2011م.
-         المالكي، طلال عبدالله(2013). جامعة المستقبل .. تعليم مدى الحياة ، صحيفة المدينة، السبت 23/03/2013



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق