التعليم المستمر والتعلم
مدى الحياة للمعلم
إعداد: نوف الفوزان
تواجه
المجتمعات تغيرات سريعة ومتلاحقة دفعت إلى تغيير في نظام التعليم لكي يواكب هذه
التغيرات ويلبي حاجات المجتمع ، تلك الحاجات
التي أصبح من سماتها التغير المستمر، وأهم ملامح التغيير هي:
1-
عولمة الاقتصاد التي لها تأثير كبير ومتعدد
على حركة المال والعمالة والمعرفة. وهذا التأثير خلق تنافساً دولياً كبيراً، وخلق حاجةً
ملحة إلى النمو البشري. وقد لوحظ الآن قبل أي وقت مضى أهمية اعتبار الثروة الحقيقية
لأي أمة هم أفرادها. فالفرد المتعلم الذكي المبدع الواثق المتكيف مع الظروف هو المصدر
الأساسي لتقدمها وتنافسها وبقائها. وقد أدى التأثير السريع والغير عادي لثورة تكنولوجيا
المعلومات إلى اكتشاف طرق جديدة لتقديم المعلومة، وإلى خدمة و نشر المعلومة.
2-
ومن ضمن التغيرات في المجتمع أن عصرنا الحاضر
يتميز بكثير من الإنجازات الهامة، لكنه وللأسف الشديد يواجه إشكالات بارزة، وتحديات
كبيرة يُظن أنها ستؤدي إلى وجود فجوة كبيرة بين أفراد عاملين وأفراد عالة على المجتمع.
وينظر إلى
النظام التعليمي في أي مجتمع كملاذ للخلاص من هذه
المشكلات، وكوسيلة هامة تضمن مواجهة التحدي والخلاص من هذه الإشكالات.
3-
أدى استمرار تقدم العلوم والتكنولوجيا إلى اتساع
نطاق المعرفة وبشكل سريع. وهذا التغير للمجتمعات في مجموعة أدى إلى ضرورة تغيير كنه
العمل، وإلى ضرورة تغيير الأنموذج المهني لأي مهنة في حياتنا. وهذا بدوره يتطلب ما
يأتي:
-
أولاً: إعادة التدريب.
-
ثانياً: إعادة التعلـم.
-
ثالثاً: المحافظة على مبدأ التطوير الذي
يسير جنباً إلى جنب مع العمل. وكل ذلك يحقق النمو المهني المستمر. وهذا بدوره جعل الحاجة
إلى تطوير كل العاملين في كثير من المهن. (إبراهيم،2012)
إن التحليل
الذي تم في بعض الأنظمة التعليمية في بعض الدول، مثل دول الاتحاد الأوروبي للنواحي
الثقافية والاجتماعية الآنية والمستقبلية أوضح بشكل جلي الحاجة الماسة إلى نوع من التعليم
المستمر، وقد بدأت المؤسسات التعليمية الأمريكية منذ منتصف القرن التاسع عشر في تطبيق
مفاهيم " التعليم مدى الحياة " ثم نضجت التجربة وأصبحت جزءا من ممارستها
المعتمدة ، وذلك بنهاية القرن العشرين. وعلى نفس المنوال تبنت " منظمة اليونسكو
" في منتصف السبعينات مفهوم التعليم مدى الحياة، وتم تحديد عام 1996 م كـ
" عام أوروبي من أجل التعليم مدى الحياة "، كما أكدت المفوضية الأوروبية
أن فرص التعلم ينبغي أن تكون متاحة لجميع المواطنين على أساس مستمر، وقد استوعبت
الجامعات العالمية مفاهيم من أهمها " التعليم مدى الحياة " و " التعلّم
للكبار " و " التعليم المستمر والدائم ". وهذه المفاهيم تبنتها دول
كثيرة في إفريقيا، فمثلا نشرت "رواندا " عام 2003 م سياستها الوطنية التعليمية
مؤكدة على " الفرص المتكافئة، والسعي الدائم لتوفير فرص للتعلم داخل وخارج الحرم
الجامعي ". (المالكي،2013)
المعلم والتعليم مدى الحياة:
وقد
أشارت بعض الدراسات العالمية إلى أن محور الارتكاز في التغيير الحقيقي العميق في المجتمعات
هو القوى العاملة ذات المستوى المتميز في مجال التدريس. وبعبارة أخرى" المعلمون
المتميزون. " وقد أشارت مجموعة الدراسات الأوروبية European
commission Study Groupإلى ما يأتي: " إن المعلمين يقومون بدور أساسي لأنهم هم الذين يقدمون
خدمة واضحة وذات أبعاد عديدة في مجتمعنا . والتوجهات العصرية تبين أن دور المعلم سيزداد
أهمية واتساعاً لسبب أنه سيتضمن أبعاداً اجتماعية وسلوكية ومدنية واقتصادية وتقنية
" ،وأشار تقريرا اليونسكو المعنونان بـ " التعليم في القرن الواحد والعشرين"
و"معلمون لمدارس الغد" إلى " أن أهمية دور المعلم كعماد للتغيير، وكداعم
لمفهوم التفاهم والتسامح لم تبدُ أكثر وضوحاً منها اليوم. وستكون هذه الأهمية أكثر
إلحاحا في القرن الواحد والعشرين. وإن أهمية النوعية في التدريس، وكذلك نوعية المعلم
لا تحتاج إلى تأكيد. "
عدد
من الحكومات الآسيوية قامت بتبني مفهوم " التعلم مدى الحياة للمعلم" كاستراتيجية
أساسية لمواجهة تحديات العولمة، ودول مثل الصين
وماليزيا وتايلاند تطبق الآن هذا المفهوم تحت شعار " اقتصاد التعليم". وكوريا
تريد تطبيق هذا المفهوم للتخلص من الضغوط على المؤسسات الأكاديمية ومنح الشهادات. واليابان
تهدف منه إلى الاستمرار في بناء مجتمع متعلم مدى الحياة. أما الصين وتايلاند فتهدف
من جعل مفهوم "التعلم مدى الحياة للمعلم" حقيقة، إلى تحقيق أهداف الإصلاح
التعليمي.(إبراهيم،2013)
السمات الشخصية المطلوبة
في معلم مدرسة اليوم ومدرسة الغد:
1 -
العمق المعرفي مادة تخصصه.
2- العمق
المهني في مجال التربية.
3- أن
يكون متمتعاً بالعديد من الصفات المهنية مثل مهارات المهنة التدريسية، والإعداد والتقويم،
وبناء العلاقات المتميزة مع الآخرين.
4 -
أن يكون لديه المرونة والانفتاح على كل جديد، وأن يكون متعلماً مدى الحياة.
5 -
أن يكون متمكناً من مادته العلمية، وأن تكون لديه الاستعدادات للتعاون كفرد في فريق.
6- يحتاج
المعلم إلى ذخيرة وافرة من المهارات للتعرف على مختلف الصعوبات التي يواجهها الطلاب
في التعلم.
7- كما
يحتاج المعلم إلى مهارات لتطبيق تقنيات المعلومات والاتصالات في التعليم.
8- أن
يكون لدى المعلم الوعي الكامل بالعوامل السياسية والثقافية والاجتماعية التي تؤثر على
عمله.
9- أن
يكون لدى المعلم المهارات اللازمة لخلق علاقات قوية من أولياء الأمور وأصحاب العلاقة
بالمدرسة.
10-
هناك حاجة لزيادة التركيز على خبرات في مجالات متعددة لخدمة الحياة وأعيد تعريف مراحل
الحياة الإنسانية بالتأكيد على مفهوم أن البشر هم "كائنات متعلمة " طوال
الحياة. وكمطلب أساسي للوصول إلى المجتمع المعتمد على المعرفة فإن الأمر يحتاج إلى:
الذكاء ـ تبني الجديدـ المرونة ـ الإبداع ـ ومختلف القدرات الاجتماعية والمهنية.
ولهذا
فلا بد من إفساح المجال للإفراد ليطوروا معارفهم ومواقفهم ومهاراتهم التي يتطلبها المجتمع
المتعلم، يقول كالاهان “ إن من المهم أن تكون نظرتنا لمهنة التدريس الآن وبشكل منتظم
من خلال الدور المناط بها والعبء الذي يحمله إياها مجتمع متغير وبيئة مدرسية مختلفة،
وهناك حاجة ملحة لتفهم العناصر المتداخلة للمهنة بما في ذلك الإعداد الأولي للمعلم
، واستقراء حاجاته التطويرية، وراتبه ، وظروف عمله ، وترقيته ، وتخصصه ، وكيفية ، تمكينه
من البحث. (إبراهيم،2013)
معايير برامج كليات المعلمين التي تمهد للتعلم مدى
الحياة:
- تنمية
العلاقات التواصلية مع المعلمين بعد تخرجهم.
- تقديم
المعرفة والفهم المهني إلى المعلمين.
- توفير
تدريب متخصص أثناء الخدمة على المهارات المهنية الحديثة.
- توفير
ما يسمى ببرنامج التأهيل الراقي اختياريًّا لمن يرغب من المعلمين.
- الالتزام
بتنمية الاستعداد المسبق لدى الطالب المعلم.
- الربط
المستمر بين إعداد المعلم وحاجة المجتمع والعصر.
- الاستمرار
في مراجعة أهداف كليات التربية.
- رفع
مستوى المناهج الموجهة للطالب في كليات التربية.
- الاهتمام
بتدريب المعلمين على أساليب التعلم والتثقيف الذاتي والتدريب المتواصل أثناء الخدمة.
- ترسيخ
فكرة أن المعلم لن يكون المصدر الوحيد لاكتساب الخبرات والمهارات في مدرسة المستقبل،
بل ستنافسه مصادر أخرى، وترجمة هذا المبدأ عمليًّا في برامج إعداد المعلمين.
- إحداث
مقرر في كليات التربية يعنى بدراسات المستقبل واستشرافه والنظر في متغيراته، وتدريب
الدارسين عمليًّا على مناقشة واستنباط الصور المأمولة في تطوير مسار التعليم.(الغنيم،2011)
متطلبات نجاح مفهوم "التعلم مدى الحياة للمعلم":
1- سياسة جيدة لاستقطاب أفضل الأفراد لمهنة التدريس:
ما هي
السياسات والظروف التي تضمن استقطاب أفضل الأفراد للمهنة؟ . تقول بعض الدراسات إن مؤشر
الجذب لمهنة التدريس ينسحب على بقية المهن. والسبب في ذلك يعود لعامل دخل المهنة ،وظروف
مكان العمل والوضع الاجتماعي. ولجذب أفضل الأفراد للمهنة يجب دراسة العوامل التي تؤثر
على اختيار الأفراد لأي مهنة . وعلى ضوء ذلك ترسم سياسة تضمن جذب أفضل الأفراد للمهنة
وهذا التحليل يتطلب أمرين:
أ- التعرف
على العوامل المؤثرة على قرار المتميزين من الأفراد على دخولهم مهنة التدريس من عدمه،
سيسلط مزيداً من الضوء على التعرف على أدوات السياسة التي بموجبها يتم بلورة سياسة
محددة وموجهه لاستقطاب المتميزين للمهنة.
ب- السياسات
التي تسير إعداد المعلم وتأهيله. إن من أهم المؤثرات على القوى العاملة في مجال التدريس
هي: تعليم المعلم، ومتطلبات منحه رخصة مزاولة المهنة. ولهذا يجب أن يكون برنامج إعداد
المعلم وشروط منحه رخصة المهنة ومتطلبات التدريب عوامل طاردة لمن لا يملكون المهارات
المطلوبة للتدريس الفعال المؤثر. يجب أن يُعد برنامج إعداد المعلمين ممن يتوقع التحاقهم
بالمهنة بمعارف ومهارات جديدة لتمكنهم من التعامل مع مختلف القضايا والمشكلات ومعالجة
ضعف الطلاب. الطالب الذي يٌعد لمهنة التدريس يحتاج أن يزود بالمعرفة لاستخدام تقنيات
المعلومات والاتصالات بفاعلية في التدريس.. ولهذا يجب أن يكون برنامج الإعداد ومدته
مستجيبين للنوعية المطلوبة للتدريس في المدرسة. كما يجب ألا يقتصر الحصول على رخصة
التدريس على الحصول على مؤهل تربوي، بل يتعدى ذلك إلى تمتع المعلم بالمهارات الأساسية
والعمق المعرفي في تخصصه. ولعل اختبار مميز لقدرات المعلم يكون الفيصل في هذه القضية،
ويكون شرطاً لحصوله على الرخصة.
2 -
تدريب من هم على رأس العمل على كيفية تطوير أنفسهم بأنفسهم.
إن الحاجة إلى تعليم وتدريب من هم على رأس العمل من المعلمين أصبح أمراً هاماً في سياق
مفهوم " التعليم مدى الحياة للمعلم". وأدرك القائمون على أنظمة التعليم أن
الحاجة تزداد لاستمرارية تجديد "مهنة التدريس " وذلك ضمن برامج إصلاح التعليم
التي يتم تبنيها.(إبراهيم،2013)
المراجع:
-
إبراهيم، خالد كاظم(2012). التعلم
مدى الحياة للمعلمين، موقع رؤى تربوية
أغسطس، 2012 رابط الموقع:
-
ar-ar.facebook.com/Trbwyt/posts/409478355778116
-
الغنيم، مرزوق يوسف (2011).التعلم مدى
الحياة: أطر مرجعية لبرامج إعداد المعلم قبل الخدمة وأثناءها، المؤتمر السنوي لمركز
البحوث التربوية حول: "القياس التربوي للتنمية المهنية المستدامة"، بيروت
،الجمهورية اللبنانية،26-27 مارس 2011م.
-
المالكي، طلال عبدالله(2013). جامعة
المستقبل .. تعليم مدى الحياة ، صحيفة المدينة، السبت 23/03/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق